فأقبل موسى على أخيه لائما وقال: " يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِي " فتخبرني لأبادر للرجوع إليهم؟ " أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي " في قولي " اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ " .
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ↓
فأخذ موسى برأس هارون ولحيته, يجره من الغضب والعتب عليه.
فقال هارون: " يَا ابْنَ أُمَّ " ترقيق له, وإلا فهو شقيقه " لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " .
فإنك أمرتني أن أخلفك فيهم, فلو تبعتك, لتركت ما أمرتني بلزومه وخشيت لأئمتك, و " أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " حيث تركتهم, وليس عندهم راع ولا خليفة, فإن هذا يفرقهم ويشتت شملهم.
فلا تجلعني مع القوم الظالمين, ولا تشمت فينا الأعداء.
فندم موسى على ما صنع بأخيه, وهو غير مستحق لذلك فـ " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "
فقال هارون: " يَا ابْنَ أُمَّ " ترقيق له, وإلا فهو شقيقه " لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " .
فإنك أمرتني أن أخلفك فيهم, فلو تبعتك, لتركت ما أمرتني بلزومه وخشيت لأئمتك, و " أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " حيث تركتهم, وليس عندهم راع ولا خليفة, فإن هذا يفرقهم ويشتت شملهم.
فلا تجلعني مع القوم الظالمين, ولا تشمت فينا الأعداء.
فندم موسى على ما صنع بأخيه, وهو غير مستحق لذلك فـ " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ "
ثم أقبل على السامري, فـ " قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ " إلى " فِي الْيَمِّ نَسْفًا " أي: ما شأنك يا سامري, حيث فعلت ما فعلت؟.
فقال: " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " وهو جبريل عليه السلام, على فرس رآه وقت خروجهم من البحر, وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون.
فقضبت قبضة من أثر حافر فرسه, فنبذتها على العجل.
" وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي " أن أقبضها, ثم أنبذها, فكان ما كان.
فقال له موسى: " فَاذْهَبْ " أي تباعد عني واستأخر مني " فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ " أي: تعاقب في الحياة عقوبة, لا يدنو منك أحد, ولا يمسك أحد.
حتى إن من أراد القرب منك, قلت: لا تمسني, ولا تقرب مني, عقوبة على ذلك, حيث مس ما لم يمسه غيره, وأجرى ما لم يجره أحد.
" وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ " فتجازى بعملك, من خير وشر.
" وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا " أي: العجل " لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا " ففعل موسى ذلك.
فلو كان إلها, لامتنع ممن يريده بأذى, ويسعى له بالإتلاف, وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل.
فأراد موسى عليه السلام, إتلافه - وهم ينظرون, على وجه لا تمكن إعادته - وبالحراق والسحق ذريه في اليم, ونسفه, ليزول ما في قلوبكم من حبه, كما زال شخصه.
ولأن في إبقائه, محنة لأن في النفوس, أقوى داع إلى الباطل.
فقال: " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " وهو جبريل عليه السلام, على فرس رآه وقت خروجهم من البحر, وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون.
فقضبت قبضة من أثر حافر فرسه, فنبذتها على العجل.
" وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي " أن أقبضها, ثم أنبذها, فكان ما كان.
فقال له موسى: " فَاذْهَبْ " أي تباعد عني واستأخر مني " فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ " أي: تعاقب في الحياة عقوبة, لا يدنو منك أحد, ولا يمسك أحد.
حتى إن من أراد القرب منك, قلت: لا تمسني, ولا تقرب مني, عقوبة على ذلك, حيث مس ما لم يمسه غيره, وأجرى ما لم يجره أحد.
" وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ " فتجازى بعملك, من خير وشر.
" وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا " أي: العجل " لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا " ففعل موسى ذلك.
فلو كان إلها, لامتنع ممن يريده بأذى, ويسعى له بالإتلاف, وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل.
فأراد موسى عليه السلام, إتلافه - وهم ينظرون, على وجه لا تمكن إعادته - وبالحراق والسحق ذريه في اليم, ونسفه, ليزول ما في قلوبكم من حبه, كما زال شخصه.
ولأن في إبقائه, محنة لأن في النفوس, أقوى داع إلى الباطل.
قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ↓
فقال: " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " وهو جبريل عليه السلام, على فرس رآه وقت خروجهم من البحر, وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون.
فقضبت قبضة من أثر حافر فرسه, فنبذتها على العجل.
" وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي " أن أقبضها, ثم أنبذها, فكان ما كان.
فقضبت قبضة من أثر حافر فرسه, فنبذتها على العجل.
" وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي " أن أقبضها, ثم أنبذها, فكان ما كان.
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ↓
فقال له موسى: " فَاذْهَبْ " أي تباعد عني واستأخر مني " فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ " أي: تعاقب في الحياة عقوبة, لا يدنو منك أحد, ولا يمسك أحد.
حتى إن من أراد القرب منك, قلت: لا تمسني, ولا تقرب مني, عقوبة على ذلك, حيث مس ما لم يمسه غيره, وأجرى ما لم يجره أحد.
" وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ " فتجازى بعملك, من خير وشر.
" وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا " أي: العجل " لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا " ففعل موسى ذلك.
فلو كان إلها, لامتنع ممن يريده بأذى, ويسعى له بالإتلاف, وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل.
فأراد موسى عليه السلام, إتلافه - وهم ينظرون, على وجه لا تمكن إعادته - وبالحراق والسحق ذريه في اليم, ونسفه, ليزول ما في قلوبكم من حبه, كما زال شخصه.
ولأن في إبقائه, محنة لأن في النفوس, أقوى داع إلى الباطل.
حتى إن من أراد القرب منك, قلت: لا تمسني, ولا تقرب مني, عقوبة على ذلك, حيث مس ما لم يمسه غيره, وأجرى ما لم يجره أحد.
" وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ " فتجازى بعملك, من خير وشر.
" وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا " أي: العجل " لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا " ففعل موسى ذلك.
فلو كان إلها, لامتنع ممن يريده بأذى, ويسعى له بالإتلاف, وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل.
فأراد موسى عليه السلام, إتلافه - وهم ينظرون, على وجه لا تمكن إعادته - وبالحراق والسحق ذريه في اليم, ونسفه, ليزول ما في قلوبكم من حبه, كما زال شخصه.
ولأن في إبقائه, محنة لأن في النفوس, أقوى داع إلى الباطل.
فلما تبين لهم بطلانه, أخبرهم بمن يستحق العبادة وحده لا شريك له, فقال: " إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا " .
أي لا معبود إلا وجهه الكريم, فلا يؤله, ولا يحب, ولا يرجى ولا يخاف, ولا يدعى إلا هو لأنه الكامل الذي له الأسماء الحسنى, والصفات العلى, المحيط علمه, بجميع الأشياء, الذي ما من نعمة بالعباد, إلا منه, ولا يدفع السوء إلا هو.
فلا إله إلا هو, ولا معبود سواه.
يمتن الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم, بما قصه عليه من أنباء السابقين, وأخبار السالفين, كهذه القصة العظيمة, وما فيها من الأحكام وغيرها, التي لا ينكرها أحد من أهل الكتاب.
فأنت لم تدرس أخبار الأولين, ولم تتعلم ممن دراها.
فإخبارك بالحق اليقين من أخبارهم, دليل على أنك رسول الله حقا, وما جئت به صدق.
ولهذا قال: " وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا " أي: عطية نفسية ومنحة جزيلة من عندنا " ذِكْرًا " وهو: وهذا القرآن الكريم, ذكر للأخبار السابقة واللاحقة, وذكر يتذكر به ما لله تعالى من الأسماء, والصفات الكاملة, ويتذكر به أحكام الأمر والنهي, وأحكام الجزاء.
وهذا مما يدل على أن القرآن مشتمل على أحسن ما يكون من الأحكام, التي تشهد العقول والفطر, بحسنها, وكمالها, ويذكر هذا القرآن ما أودع الله فيها.
وإذا كان القرآن ذكرا للرسول ولأمته, فيجب تلقيه بالقبول والتسليم, والانقياد, والتعظيم, وأن يهتدى بنوره إلى الصراط المستقيم, وأن يقبلوا عليه بالتعلم والتعليم.
وأما مقابلته بالإعراض, أو ما هم أعم منه من الإنكار فإنه كفر لهذه النعمة, ومن فعل ذلك, فهو مستحق للعقوبة.
أي لا معبود إلا وجهه الكريم, فلا يؤله, ولا يحب, ولا يرجى ولا يخاف, ولا يدعى إلا هو لأنه الكامل الذي له الأسماء الحسنى, والصفات العلى, المحيط علمه, بجميع الأشياء, الذي ما من نعمة بالعباد, إلا منه, ولا يدفع السوء إلا هو.
فلا إله إلا هو, ولا معبود سواه.
يمتن الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم, بما قصه عليه من أنباء السابقين, وأخبار السالفين, كهذه القصة العظيمة, وما فيها من الأحكام وغيرها, التي لا ينكرها أحد من أهل الكتاب.
فأنت لم تدرس أخبار الأولين, ولم تتعلم ممن دراها.
فإخبارك بالحق اليقين من أخبارهم, دليل على أنك رسول الله حقا, وما جئت به صدق.
ولهذا قال: " وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا " أي: عطية نفسية ومنحة جزيلة من عندنا " ذِكْرًا " وهو: وهذا القرآن الكريم, ذكر للأخبار السابقة واللاحقة, وذكر يتذكر به ما لله تعالى من الأسماء, والصفات الكاملة, ويتذكر به أحكام الأمر والنهي, وأحكام الجزاء.
وهذا مما يدل على أن القرآن مشتمل على أحسن ما يكون من الأحكام, التي تشهد العقول والفطر, بحسنها, وكمالها, ويذكر هذا القرآن ما أودع الله فيها.
وإذا كان القرآن ذكرا للرسول ولأمته, فيجب تلقيه بالقبول والتسليم, والانقياد, والتعظيم, وأن يهتدى بنوره إلى الصراط المستقيم, وأن يقبلوا عليه بالتعلم والتعليم.
وأما مقابلته بالإعراض, أو ما هم أعم منه من الإنكار فإنه كفر لهذه النعمة, ومن فعل ذلك, فهو مستحق للعقوبة.
ولهذا قال: " مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ " فلم يؤمن به, أو تهاون بأوامره ونواهيه, أو بتعلم معانيه الواجبة " فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا " وهو ذنبه, الذي بسببه, أعرض عن القرآن وأولاه الكفر والهجران.
" خَالِدِينَ فِيهِ " أي: في وزرهم, لأن العذاب هو نفس الأعمال, تنقلب عذابا على أصحابها, بحسب صغرها وكبرها.
" وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا " أي: بئس الحمل الذي يحملونه, والعذاب الذي يعذبونه يوم القيامة ثم استطرد, فذكر أحوال يوم القيامة وأهواله فقال: " يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ " إلى " إِلَّا يَوْمًا " .
" وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا " أي: بئس الحمل الذي يحملونه, والعذاب الذي يعذبونه يوم القيامة ثم استطرد, فذكر أحوال يوم القيامة وأهواله فقال: " يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ " إلى " إِلَّا يَوْمًا " .
أي: إذا نفخ في الصور,: وخرج الناس من قبورهم كل على حسب حاله.
فالمتقون يحشرون إلى الرحمن وفدا, والمجرمون يحشرون زرقا ألوانهم من الخوف والقلق, والعطش.
يتناجون بينهم, ويتخافتون في قصر مدة الدنيا, وسرعة الآخره.
فيقول بعضهم: ما لبثتم إلا عشرة أيام, ويقول بعضهم غير ذلك.
والله يعلم تخافتهم, ويسمع ما يقولون " إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً " .
أي أعدلهم وأقربهم إلى التقدير " إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا " .
المقصود من هذا, الندم العظيم كيف ضيعوا الأوقات القصيرة وقطعوها ساهين لاهين, معرضين عما ينفعهم, مقبلين على ما يضرهم.
فها, قد حضر الجزاء, وحق الوعيد, فلم يبق إلا الندم والدعاء, بالويل والثبور.
كما قال تعالى " قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " .
فالمتقون يحشرون إلى الرحمن وفدا, والمجرمون يحشرون زرقا ألوانهم من الخوف والقلق, والعطش.
يتناجون بينهم, ويتخافتون في قصر مدة الدنيا, وسرعة الآخره.
فيقول بعضهم: ما لبثتم إلا عشرة أيام, ويقول بعضهم غير ذلك.
والله يعلم تخافتهم, ويسمع ما يقولون " إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً " .
أي أعدلهم وأقربهم إلى التقدير " إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا " .
المقصود من هذا, الندم العظيم كيف ضيعوا الأوقات القصيرة وقطعوها ساهين لاهين, معرضين عما ينفعهم, مقبلين على ما يضرهم.
فها, قد حضر الجزاء, وحق الوعيد, فلم يبق إلا الندم والدعاء, بالويل والثبور.
كما قال تعالى " قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ " .
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا ↓
يخبر تعالى عن أهوال القيامة, وما فيها من الزلازل والقلاقل, فقال: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ " أي ماذا يصنع بها يوم القيامة, وهل تبقى بحالها أم لا؟ " فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا " أي: يزيلها ويقلعها من أماكنها فتكون كالعهن, وكالرمل, ثم يدكها فيجعلها هباء منبثا.
فتضمحل وتتلاشى, ويسويها بالأرض, ويجعل الأرض قاعا صفصفا, مستويا لا يرى فيما الناظر " عِوَجًا " هذا من تمام استوائها " وَلَا أَمْتًا " أي: أودية وأماكن منخفضة, أو مرتفعة, فتبرز الأرض, وتتسع للخلائق ويمدها الله مد الأديم, فيكونون في موقف واحد, يسمعهم الداعي, وينفذهم البصر, ولهذا قال:
فتضمحل وتتلاشى, ويسويها بالأرض, ويجعل الأرض قاعا صفصفا, مستويا لا يرى فيما الناظر " عِوَجًا " هذا من تمام استوائها " وَلَا أَمْتًا " أي: أودية وأماكن منخفضة, أو مرتفعة, فتبرز الأرض, وتتسع للخلائق ويمدها الله مد الأديم, فيكونون في موقف واحد, يسمعهم الداعي, وينفذهم البصر, ولهذا قال:
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ↓
" يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ " وذلك حين يبعثون من قبورهم, ويقومون منها, يدعو الداعي إلى الحضور والاجتماع للموقف, فيتبعون مهطعين إليه, لا يلتفتون عنه, ولا يعرجون يمنة ولا يسرة.
وقوله " لَا عِوَجَ لَهُ " أي: لا عوج لدعوة الداعي بل تكون دعوته حقا وصدقا, لجميع الخلق, يسمعهم جميعم, ويصيح لهم أجمعين.
فيحضرون لموقف القيامة, خاشعة أصواتهم للرحمن.
" فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا " أي: إلا وطء الأقدام, أو المخافتة سرا بتحريك الشفتين فقط, يملكهم الخشوع والسكوت, والإنصات, انتظارا لحكم الرحمن فيهم, وتعنو وجوههم أي: تذل وتخضع.
فترى في ذلك الموقف العظيم, الأغنياء والفقراء, والرجال والنساء, والأحرار والأرقاء, والملوك والسوقة, ساكتين منصتين, خاشعة أبصارهم, خاضعة رقابهم, جاثين على ركبهم, عانية وجوههم.
لا يدرون ماذا ينفصل كل منهم به, ولا ماذا يفعل به.
قد اشتغل كل بنفسه وشأنه, عن أبيه وأخيه, وصديقه وحبيبه " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ " .
يحكم فيه الحاكم العدل الديان, ويجازي المحسن بإحسانه, والمسيء بالحرمان.
والأمل بالرب الكريم, الرحمن الرحيم, أن يرى الخلائق, منه, من الفضل والإحسان, والعفو والنصح والغفران, ما لا تعبر عنه الألسنة, ولا تتصوره الأفكار.
ويتطلع لرحمته إذ ذاك, جميع الخلق لما يشاهدونه فيختص المؤمنون به وبرسله, بالرحمة.
فإن قيل: من أين لكم هذا الأمل؟ وإن شئت قلت: من أين لكم هذا العلم بما ذكر؟.
قلنا: لما نعلمه من غلبة رحمته لغضبه, ومن سعة جوده, الذي عم جميع البرايا, ومما نشاهده في أنفسنا وفي غيرنا, من النعم المتواترة في هذه الدار, وخصوصا في فضل القيامة, فإن قوله " وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ " " إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ " مع قوله " الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ " مع قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله مائة رحمة أنزل لعباده رحمة, بها يتراحمون ويتعاطفون, حتى إن البهيمة ترفع حافرها عن ولدها, خشية أن تطأه, من الرحمة المودعة في قلبها, فإذا كان يوم القيامة ضم هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة, فرحم بها العباد.
مع قوله صلى الله عليه وسلم: " الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها " فقل ما شئت عن رحمته, فإنها فوق ما تقول, وتصور فوق ما شئت, فإنها فوق ذلك فسبحان من رحم في عدله وعقوبته, كما رحم في فضله وإحسانه ومثوبته.
وتعالى من وسعت رحمته كل شيء, وعم كرمه كل حي وجل من غني عن عباده, رحيم بهم, وهم مفتقرون إليه على الدوام, في جميع أحوالهم, فلا غنى لهم عنه, طرفة عين.
وقوله " لَا عِوَجَ لَهُ " أي: لا عوج لدعوة الداعي بل تكون دعوته حقا وصدقا, لجميع الخلق, يسمعهم جميعم, ويصيح لهم أجمعين.
فيحضرون لموقف القيامة, خاشعة أصواتهم للرحمن.
" فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا " أي: إلا وطء الأقدام, أو المخافتة سرا بتحريك الشفتين فقط, يملكهم الخشوع والسكوت, والإنصات, انتظارا لحكم الرحمن فيهم, وتعنو وجوههم أي: تذل وتخضع.
فترى في ذلك الموقف العظيم, الأغنياء والفقراء, والرجال والنساء, والأحرار والأرقاء, والملوك والسوقة, ساكتين منصتين, خاشعة أبصارهم, خاضعة رقابهم, جاثين على ركبهم, عانية وجوههم.
لا يدرون ماذا ينفصل كل منهم به, ولا ماذا يفعل به.
قد اشتغل كل بنفسه وشأنه, عن أبيه وأخيه, وصديقه وحبيبه " لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ " .
يحكم فيه الحاكم العدل الديان, ويجازي المحسن بإحسانه, والمسيء بالحرمان.
والأمل بالرب الكريم, الرحمن الرحيم, أن يرى الخلائق, منه, من الفضل والإحسان, والعفو والنصح والغفران, ما لا تعبر عنه الألسنة, ولا تتصوره الأفكار.
ويتطلع لرحمته إذ ذاك, جميع الخلق لما يشاهدونه فيختص المؤمنون به وبرسله, بالرحمة.
فإن قيل: من أين لكم هذا الأمل؟ وإن شئت قلت: من أين لكم هذا العلم بما ذكر؟.
قلنا: لما نعلمه من غلبة رحمته لغضبه, ومن سعة جوده, الذي عم جميع البرايا, ومما نشاهده في أنفسنا وفي غيرنا, من النعم المتواترة في هذه الدار, وخصوصا في فضل القيامة, فإن قوله " وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ " " إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ " مع قوله " الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ " مع قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله مائة رحمة أنزل لعباده رحمة, بها يتراحمون ويتعاطفون, حتى إن البهيمة ترفع حافرها عن ولدها, خشية أن تطأه, من الرحمة المودعة في قلبها, فإذا كان يوم القيامة ضم هذه الرحمة إلى تسع وتسعين رحمة, فرحم بها العباد.
مع قوله صلى الله عليه وسلم: " الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها " فقل ما شئت عن رحمته, فإنها فوق ما تقول, وتصور فوق ما شئت, فإنها فوق ذلك فسبحان من رحم في عدله وعقوبته, كما رحم في فضله وإحسانه ومثوبته.
وتعالى من وسعت رحمته كل شيء, وعم كرمه كل حي وجل من غني عن عباده, رحيم بهم, وهم مفتقرون إليه على الدوام, في جميع أحوالهم, فلا غنى لهم عنه, طرفة عين.
وقوله: " يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا " أي: لا ينفع أحد عنده من الخلق, إلا من أذن له في الشفاعة, ولا يأذن إلا لمن رضي قوله, أي: شفاعته, من الأنبياء والمرسلين, وعباده المقربين, فيمن ارتضى قوله, وهو المؤمن المخلص.
فإذا اختل واحد من هذه الأمور, فلا سبيل لأحد إلى شفاعة من أحد.
وينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين.
ظالمين بكفرهم, فهؤلاء, لا ينالهم إلا الخيبة والحرمان, والعذاب الأليم في جهنم, وسخط الديان.
والقسم الثاني: من آمن الإيمان المأمور به, وعمل صالحا, من واجب ومسنون " فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا " أي: زيادة في سيئاته " وَلَا هَضْمًا " أي: نقصا من حسناته, بل تغفر ذنوبه, وتطهر عيوبه, وتضاعف حسناته.
" وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا " .
فإذا اختل واحد من هذه الأمور, فلا سبيل لأحد إلى شفاعة من أحد.
وينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين.
ظالمين بكفرهم, فهؤلاء, لا ينالهم إلا الخيبة والحرمان, والعذاب الأليم في جهنم, وسخط الديان.
والقسم الثاني: من آمن الإيمان المأمور به, وعمل صالحا, من واجب ومسنون " فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا " أي: زيادة في سيئاته " وَلَا هَضْمًا " أي: نقصا من حسناته, بل تغفر ذنوبه, وتطهر عيوبه, وتضاعف حسناته.
" وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا " .
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ↓
أي: وكذلك أنزلنا هذا الكتاب, باللسان الفاضل العربي, الذي تفهمونه وتفقهونه, ولا يخفى عليكم لفظه, ولا معناه.
" وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ " أي نوعناها أنواعا كثيرة.
تارة بذكر أسمائه الدالة على العدل والانتقام.
وتارة بذكر المثلات التي أحلها بالأمم السابقة, وأمر أن تعتبر بها الأمم اللاحقة.
وتارة بذكر آثار الذنوب, وما تكسبه من العيوب.
وتارة بذكر أهوال القيامة, وما فيها من المزعجات, والمقلقات.
وتارة, بذكر جهنم, وما فيها من أنوع العقاب, وأصناف العذاب.
كل هذا, رحمة بالعباد, لعلهم يتقون الله فيتركون من الشر والمعاصي, ما يضرهم.
" أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا " فيعملون من الطاعات والخير, ما ينفعهم.
فكونه عربيا, وكونه مصرفا فيه من الوعيد, أكبر سبب, وأعظم داع للتقوى, والعمل الصالح.
فلو كان غير عربي أو غير مصرف فيه, لم يكن له هذا الأثر.
" وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ " أي نوعناها أنواعا كثيرة.
تارة بذكر أسمائه الدالة على العدل والانتقام.
وتارة بذكر المثلات التي أحلها بالأمم السابقة, وأمر أن تعتبر بها الأمم اللاحقة.
وتارة بذكر آثار الذنوب, وما تكسبه من العيوب.
وتارة بذكر أهوال القيامة, وما فيها من المزعجات, والمقلقات.
وتارة, بذكر جهنم, وما فيها من أنوع العقاب, وأصناف العذاب.
كل هذا, رحمة بالعباد, لعلهم يتقون الله فيتركون من الشر والمعاصي, ما يضرهم.
" أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا " فيعملون من الطاعات والخير, ما ينفعهم.
فكونه عربيا, وكونه مصرفا فيه من الوعيد, أكبر سبب, وأعظم داع للتقوى, والعمل الصالح.
فلو كان غير عربي أو غير مصرف فيه, لم يكن له هذا الأثر.
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ↑
لما ذكر تعالى حكمه الجزئي في عباده, وحكمه الأمري الديني, الذي أنزل في الكتاب وكان هذا من آثار ملكه قال: " فَتَعَالَى اللَّهُ " أي جل وارتفع, وتقدس, عن كل نقص وآفة.
" الْمُلْكُ " الذي الملك وصفه, والخلق كلهم, مماليك له.
وأحكام الملك القدرية والشرعية, نافذة فيهم.
" الْحَقُّ " أي وجوده, وملكه, وكماله, حق.
فصفات الكمال, لا تكون حقيقة, إلا لذي الجلال, ومن ذلك: الملك.
فإن غيره من الخلق, وإن كان له ملك في بعض الأوقات, على بعض الأشياء, فإنه ملك قاصر باطل, يزول.
وأما الرب, فلا يزال ولا يزول ملكا حيا قيوما جليلا.
" وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ " أي لا تبادر بتلقف القرآن حين يتلوه عليك جبريل, واصبر حتى يفرغ منه.
فإذا فرغ منه فاقرأه, فإن الله قد ضمن لك جمعه في صدرك, وقراءتك إياه.
كما قال تعالى: " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ " .
ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم, على تلقف الوحي ومبادرته إليه, تدل على محبته التامة للعلم, وحرصه عليه, أمره تعالى أن يسأله زيادة العلم خير, فإن العلم خير, وكثرة الخير مطلوبة, وهي من الله.
والطريق إليها, الاجتهاد, والشوق للعلم, وسؤال الله, والاستعانة به, والافتقار إليه في كل وقت.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة, الأدب في تلقي العلم, وأن المستمع ينبغي له أن يتأنى ويصبر, حق يفرغ المملي والمعلم من كلامه, المتصل بعضه ببعض.
فإذا فرغ منه, سأل, إن كان عنده سؤال.
ولا يبادر بالسؤال, وقطع كلام ملقي العلم فإنه سبب للحرمان.
وكذلك المسئول, ينبغي له أن يستملي سؤال السائل, ويعرف المقصود منه قبل الجواب, فإن ذلك سبب لإصابة الصواب.
" الْمُلْكُ " الذي الملك وصفه, والخلق كلهم, مماليك له.
وأحكام الملك القدرية والشرعية, نافذة فيهم.
" الْحَقُّ " أي وجوده, وملكه, وكماله, حق.
فصفات الكمال, لا تكون حقيقة, إلا لذي الجلال, ومن ذلك: الملك.
فإن غيره من الخلق, وإن كان له ملك في بعض الأوقات, على بعض الأشياء, فإنه ملك قاصر باطل, يزول.
وأما الرب, فلا يزال ولا يزول ملكا حيا قيوما جليلا.
" وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ " أي لا تبادر بتلقف القرآن حين يتلوه عليك جبريل, واصبر حتى يفرغ منه.
فإذا فرغ منه فاقرأه, فإن الله قد ضمن لك جمعه في صدرك, وقراءتك إياه.
كما قال تعالى: " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ " .
ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم, على تلقف الوحي ومبادرته إليه, تدل على محبته التامة للعلم, وحرصه عليه, أمره تعالى أن يسأله زيادة العلم خير, فإن العلم خير, وكثرة الخير مطلوبة, وهي من الله.
والطريق إليها, الاجتهاد, والشوق للعلم, وسؤال الله, والاستعانة به, والافتقار إليه في كل وقت.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة, الأدب في تلقي العلم, وأن المستمع ينبغي له أن يتأنى ويصبر, حق يفرغ المملي والمعلم من كلامه, المتصل بعضه ببعض.
فإذا فرغ منه, سأل, إن كان عنده سؤال.
ولا يبادر بالسؤال, وقطع كلام ملقي العلم فإنه سبب للحرمان.
وكذلك المسئول, ينبغي له أن يستملي سؤال السائل, ويعرف المقصود منه قبل الجواب, فإن ذلك سبب لإصابة الصواب.
أي: ولقد وصينا آدم, وأمرناه, وعهدنا إليه عهدا ليقوم به, فالتزمه, وأذعن له, وانقاد, وعزم على القيام به ومع ذلك, نسى ما أمر به, وانقضت عزيمته المحكمة, فجرى عليه ما جرى, فصار عبرة لذريته, وصارت طبائعهم مثل طبيعة آدم, نسي فنسيت ذريته, وخطئ فخطئوا, ولم يثبت على العزم المؤكد, وكذلك, وبادر بالتوبة من خطيئته, وأقر بها واعترف, فغفرت له, وما يشابه أباه فما ظلم.
ثم ذكر تفصيل ما أجمله فقال: " وَإِذْ قُلْنَا " إلى " فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى "
ثم ذكر تفصيل ما أجمله فقال: " وَإِذْ قُلْنَا " إلى " فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى "
أي لما أكمل خلق آدم بيده, وعلمه الأسماء, وفضله, وكرمه, أمر الملائكة بالسجود له, إكرما, وتعظيما, وإجلالا, فبادروا بالسجود ممتثلين.
وكان بينهم إبليس, فاستكبر عن أمر ربه, وامتنع من السجود لآدم وقال: " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " فتبينت حينئذ, عداوته البليغة لآدم وزوجه, لما كان عدو الله, وظهر من حسده, ما كان سبب العداوة.
فحذر الله آدم وزوجه منه, وقال " فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى " إذا أخرجت منها.
فإن لك فيها الرزق الهني والراحة التامة.
وكان بينهم إبليس, فاستكبر عن أمر ربه, وامتنع من السجود لآدم وقال: " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " فتبينت حينئذ, عداوته البليغة لآدم وزوجه, لما كان عدو الله, وظهر من حسده, ما كان سبب العداوة.
فحذر الله آدم وزوجه منه, وقال " فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى " إذا أخرجت منها.
فإن لك فيها الرزق الهني والراحة التامة.
فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ↓
فحذر الله آدم وزوجه منه, وقال " فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى " إذا أخرجت منها.
فإن لك فيها الرزق الهني والراحة التامة.
فإن لك فيها الرزق الهني والراحة التامة.
" إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى " أي تصيبك الشمس بحرها.
فضمن له, استمرار الطعام والشراب, والكسوة, والماء, وعدم التعب والنصب.
ولكنه نهاه عن أمر شجرة معينة فقال: " وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ " .
فلم يزل الشيطان يوسوس لهما, ويزين أمر الشجرة ويقول: " هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ " أي: التي من أكل منها خلد في الجنة.
" وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى " أي: لا ينقطع, إذا أكلت منها.
فأتاه بصورة ناصح, وتلطف له في الكلام, فاغتر به آدم, فأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما, وسقطت كسوتهما, واتضحت معصيتهما, وبدا لكل منهما سوأة الآخر, بعد أن كانا مستورين.
وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة, ليستترا بذلك, وأصابهما من الخجل, ما الله به عليم.
" وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى " فبادرا إلى التوبة والإنابة, وقالا: " رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
فاجتباه ربه, واختاره, ويسر له التوبة " فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى " فكان بعد التوبة, أحسن منه قبلها.
ورجع كيد العدو عليه, وبطل مكره, فتمت النعمة عليه, وعلى ذريته, ووجب عليهم القيام بها, والاعتراف, وأن يكونوا على حذر من هذا العدو المرابط الملازم لهم, ليلا ونهارا " يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ " أي: ينزع عنهما لباسهما, ليريهما سوأتهما, " إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ " .
فضمن له, استمرار الطعام والشراب, والكسوة, والماء, وعدم التعب والنصب.
ولكنه نهاه عن أمر شجرة معينة فقال: " وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ " .
فلم يزل الشيطان يوسوس لهما, ويزين أمر الشجرة ويقول: " هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ " أي: التي من أكل منها خلد في الجنة.
" وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى " أي: لا ينقطع, إذا أكلت منها.
فأتاه بصورة ناصح, وتلطف له في الكلام, فاغتر به آدم, فأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما, وسقطت كسوتهما, واتضحت معصيتهما, وبدا لكل منهما سوأة الآخر, بعد أن كانا مستورين.
وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة, ليستترا بذلك, وأصابهما من الخجل, ما الله به عليم.
" وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى " فبادرا إلى التوبة والإنابة, وقالا: " رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
فاجتباه ربه, واختاره, ويسر له التوبة " فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى " فكان بعد التوبة, أحسن منه قبلها.
ورجع كيد العدو عليه, وبطل مكره, فتمت النعمة عليه, وعلى ذريته, ووجب عليهم القيام بها, والاعتراف, وأن يكونوا على حذر من هذا العدو المرابط الملازم لهم, ليلا ونهارا " يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ " أي: ينزع عنهما لباسهما, ليريهما سوأتهما, " إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ " .
أي تصيبك الشمس بحرها.
فضمن له, استمرار الطعام والشراب, والكسوة, والماء, وعدم التعب والنصب.
فضمن له, استمرار الطعام والشراب, والكسوة, والماء, وعدم التعب والنصب.
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى ↓