وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ↓
وقال الذين كفروا: لن نصدق بهذا القرآن ولا بالذي تقدمه من التوراة والإنجيل والزبور, فقد كذبوا بجميع كتب الله.
ولو ترى -يا محمد- إذ الظالمون محبوسون عند ربهم للحساب, يتراجعون الكلام فيما بينهم, كل يلقي بالعتاب على الآخر, لرأيت شيئا فظيعا, يقول المستضعفون للذين استكبروا -وهم القادة والرؤساء الضالون المضلون-: لولا أنتم أضللتمونا عن الهدى لكنا مؤمنين بالله ورسوله.
ولو ترى -يا محمد- إذ الظالمون محبوسون عند ربهم للحساب, يتراجعون الكلام فيما بينهم, كل يلقي بالعتاب على الآخر, لرأيت شيئا فظيعا, يقول المستضعفون للذين استكبروا -وهم القادة والرؤساء الضالون المضلون-: لولا أنتم أضللتمونا عن الهدى لكنا مؤمنين بالله ورسوله.
قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ ↓
قال الرؤساء للذين استضعفوا: أنحن منعناكم من الهدى بعد إذ جاءكم؟ بل كنتم مجرمين إذ دخلتم في الكفر بإرادتكم مختارين.
وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ↓
وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلكة, فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله, ونجعل له شركاء في العبادة, وأسر كل من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أعد لهم, وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا, لا يعاقبون بهذا العقاب إلا بسبب كفرهم بالله وعملهم السيئات في الدنيا.
وفي الآية تحذير شديد من متابعة دعاة الضلال وأئمة الطغبان.
وفي الآية تحذير شديد من متابعة دعاة الضلال وأئمة الطغبان.
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ↓
وما أرسلنا في قرية من رسول يدعو الى توحيد الله وإفراده بالعبادة, إلا قال المنغمسون في اللذات والشهوات من أهلها: إنا بالذي جئتم به -أيها الرسل- جاحدون.
وقالوا: نحن أكثر منكم أموالا وأولادا, والله لم يعطنا هذه النعم إلا لرضاه عنا, وما نحن بمعذبين في الدنيا ولا في الآخرة.
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ↓
قل لهم -يا محمد-: إن ربي يوسع الرزق في الدنيا لمن يشاء من عباده, ويضيق على من يشاء, لا لمحبة ولا لبغض, ولكن يفعل ذلك اختبارا, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن ذلك اختبار لعباده; لأنهم لا يتأملون.
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ↓
وليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا قربى, وترفع درجاتكم, لكن من آمن بالله وعمل صالحا فهؤلاء لهم ثواب الضعف من الحسنات, فالحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة, وهم في أعالي الجنة آمنون من العذاب والموت والأحزان.
والذين يسعون في إبطال حججنا, ويصدون عن سبيل الله مشاقين مغالبين, هؤلاء في عذاب جهنم يوم القيامة, تحضرهم الزبانية, فلا يخرجون منها.
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ↓
قل -يا محمد- لهؤلاء المغترين بالأموال والأولاد: إن ربي يوسع الرزق على من يشاء من عباده, ويضيفه على من يشاء; لحكمة يعلمها, ومهما أعطيتم من شيء فيما أمركم به فهو يعوضه لكم في الدنيا بالبدل, وفي الآخرة بالثواب, وهو -سبحانه- خير الرازقين, فاطلبوا الرزق منه وحده, واسعوا في الأسباب التي أمركم بها.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ↓
واذكر -يا محمد- يوم يحشر الله المشركين والمعبودين من دونه من الملائكة, ثم يقول للملائكة على وجه التوبيخ لمن عبدهم: أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون من دوننا؟
قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ↓
قالت الملائكة: ننزهك يا ألله عن أن يكون لك شريك في العبادة, أنت ولينا الذي نطيعه ونعبده وحده, بل كان هؤلاء يعبدون الشياطين, أكثرهم بهم مصدقون ومطيعون.
فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ↓
ففي يوم الحشر لا يملك المعبودون للعابدين نفعا ولا ضرا, ونقول للذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي: ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون.
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ↓
وإذا تتلى على كفار (مكة) آيات الله واضحات قالوا: ما محمد إلا رجل يرغب أن يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم, وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا -يا محمد- إلا كذب مختلق, جئت به من عند نفسك, وليس من عند الله, وقال الكفار عن القرآن لما جاءهم: ما هذا إلا سحر واضح.
وما أنزلنا على الكفار من كتب يقرؤونها قبل القرآن فتدلهم على ما يزعمون من أن ما جاءهم به محمد سحر, وما أرسلنا إليهم قبلك -يا محمد- من رسول ينذرهم بأسنا.
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ↓
وكذب الذين من قبلهم كعاد وثمود رسلنا, وما بلغ أهل (مكة) عشر ما آتينا الأمم السابقة من القوة, وكثرة المال, وطول العمر وغير ذلك من النعم, فكذبوا رسلي فيما جاؤوهم به فأهلكناهم, فانظر -يا محمد- كيف كان إنكاري عليهم وعقوبتي إياهم؟
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ↓
قل -يا محمد- لهؤلاء المكذبين المعاندين: إنما أنصح لكم بخصلة واحدة أن تنهضوا في طاعة الله اثنين اثنين وواحدا واحدا, ثم تتفكروا في حال صاحبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما نسب إليه, فما به من جنون, وما هو الا مخوف لكم, ونذير من عذاب جهنم قبل أن تقاسوا حرها.
قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ↓
قل -يا محمد- للكفار: ما سألتكم على الخير الذي جئتكم به من أجر فهو لكم, ما أجري الذي أنتظره إلا على الله المطلع على أعمالي وأعمالكم, لا يخفى عليه شيء فهو يجازي الجميع, كل بما يستحقه.
قل -يا محمد- لمن أنكر التوحيد ورسالة الإسلام: إن ربي يقذف الباطل بحجج من الحق, فيفضحه ويهلكه, والله علام الغيوب, لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
قل -يا محمد-: جاء الحق والشرع العظيم من الله, وذهب الباطل, واضمحل سلطانه, فلم يبق للباطل شيء يبدؤه ويعيده.
قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ↓
قل: إن ملت عن الحق فإثم ضلالي على نفسي, وإن استقمت عليه فبوحي الله الذي يوحيه إلي, إن ربي سميع لما أقول لكم, قريب ممن دعا وسأله.
ولو ترى -يا محمد- إذ فزع الكفار حين معاينتهم عذاب الله, لرأيت أمرا عظيما, فلا نجاة لهم ولا مهرب, وأخذوا إلى النار من موضع قريب التناول.
وقال الكفار -عندما رأوا العذاب في الآخرة-: آمنا بالله وكتبه ورسله, وكيف لهم تناول الإيمان في الآخرة ووصولهم له من مكان بعيد؟ قد حيل بينهم وبينه, فمكانه الدنيا, وقد كفروا فيها.
وقد كفروا بالحق في الدنيا, وكذبوا الرسل, ويرمون بالظن من جهة بعيدة عن إصابة الحق, ليس لهم فيها مستند لظنهم الباطل, فلا سبيل لإصابتهم الحق, كما لا سبيل للرامي إلى إصابة الغرض من مكان بعيد.
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ ↓
وحيل بين الكفار وما يشتهون من التوبة والعودة إلى الدنيا ليؤمنوا, كما فعل الله بأمثالهم من كفرة الأمم السابقة, إنهم كانوا في الدنيا في شك من أمر الرسل والبعث والحساب, محدث للريبة والقلق, فلذلك لم يؤمنوا.