لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ↓
يخبر تعالى, عن قول هؤلاء المتمردين, الذين قالوا أقبح المقالة, وأشنعها, وأسمجها.
فأخبر أنه قد سمع ما قالوه, وأنه سيكتبه ويحفظه, مع أفعالهم الشنيعة, وهو: قتلهم الأنبياء الناصحين, وأنه سيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة, وأنه يقال لهم - بدل قولهم إن الله فقير ونحن أغنياء - " ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ " المحرق النافذ من البدن إلى الأفئدة, وأن عذابهم ليس ظلما من الله لهم فإنه " لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " فإنه منزه عن ذلك.
فأخبر أنه قد سمع ما قالوه, وأنه سيكتبه ويحفظه, مع أفعالهم الشنيعة, وهو: قتلهم الأنبياء الناصحين, وأنه سيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة, وأنه يقال لهم - بدل قولهم إن الله فقير ونحن أغنياء - " ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ " المحرق النافذ من البدن إلى الأفئدة, وأن عذابهم ليس ظلما من الله لهم فإنه " لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " فإنه منزه عن ذلك.
وإنما " ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ " من المخازي والقبائح, التي أوجبت استحقاقهم العذاب, وحرمانهم الثواب.
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية, نزلت في قوم من اليهود, تكلموا بذلك.
وذكروا منهم " فنحاص بن عازوراء " من رؤساء علماء اليهود في المدينة.
وأنه لما سمع قول الله تعالى " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " " وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " قال - على وجه التكبر والتجرؤ هذه المقالة, قبحه الله.
فذكرها الله عنهم, وأخبر أنه ليس ببدع من شنائعهم, بل قد سبق لهم من الشنائع, ما هو نظير ذلك, وهو: قتلهم الأنبياء بغير حق.
هذا القيد يراد به, أنهم تجرأوا على قتلهم, مع علمهم بشناعته, لا جهلا وضلالا, بل تمردا وعنادا.
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية, نزلت في قوم من اليهود, تكلموا بذلك.
وذكروا منهم " فنحاص بن عازوراء " من رؤساء علماء اليهود في المدينة.
وأنه لما سمع قول الله تعالى " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " " وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا " قال - على وجه التكبر والتجرؤ هذه المقالة, قبحه الله.
فذكرها الله عنهم, وأخبر أنه ليس ببدع من شنائعهم, بل قد سبق لهم من الشنائع, ما هو نظير ذلك, وهو: قتلهم الأنبياء بغير حق.
هذا القيد يراد به, أنهم تجرأوا على قتلهم, مع علمهم بشناعته, لا جهلا وضلالا, بل تمردا وعنادا.
الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ↓
يخبر تعالى عن حال هؤلاء المفترين القائلين " إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا " أي: تقدم إلينا, وأوصى, أن لا نؤمن لرسول, حتى يأتينا بقربان تأكله النار.
فجمعوا بين الكذب على الله, وحصر آية الرسل بما قالوه, من هذا الإفك المبين.
وأنهم إن لم يؤمنوا برسول, لم يأتهم بقربان تأكله النار.
فهم - في ذلك - مطيعون لربهم, ملتزمون عهده.
وقد علم أن كل رسول يرسله الله, يؤيده من الآيات والبراهين, بما على مثله آمن البشر, ولم يقصرها على ما قالوه, ومع هذا, فقد قالوا, إفكا لم يلتزموه, وباطلا لم يعملوا به.
ولهذا أمر الله رسوله أن يقول لهم: " قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ " الدلات على صدقهم " وَبِالَّذِي قُلْتُمْ " بأن أتاكم بقربان تأكله النار " فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " .
أي: في دعواكم الإيمان برسول يأتيكم بقربان تأكله النار.
فقد تبين بهذا كذبهم, وعنادهم, وتناقضهم.
فجمعوا بين الكذب على الله, وحصر آية الرسل بما قالوه, من هذا الإفك المبين.
وأنهم إن لم يؤمنوا برسول, لم يأتهم بقربان تأكله النار.
فهم - في ذلك - مطيعون لربهم, ملتزمون عهده.
وقد علم أن كل رسول يرسله الله, يؤيده من الآيات والبراهين, بما على مثله آمن البشر, ولم يقصرها على ما قالوه, ومع هذا, فقد قالوا, إفكا لم يلتزموه, وباطلا لم يعملوا به.
ولهذا أمر الله رسوله أن يقول لهم: " قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ " الدلات على صدقهم " وَبِالَّذِي قُلْتُمْ " بأن أتاكم بقربان تأكله النار " فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " .
أي: في دعواكم الإيمان برسول يأتيكم بقربان تأكله النار.
فقد تبين بهذا كذبهم, وعنادهم, وتناقضهم.
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَاؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ↓
ثم بشر رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: " فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ " .
أي: هذه عادة الظالمين, ودأبهم, الكفر بالله, وتكذيب رسل الله.
وليس تكذيبهم لرسل الله, عن تصور بما أتوا به, أو عدم تبين حجة.
بل قد " جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ " أي: الحجج العقلية, والبراهين النقلية.
" وَالزُّبُرِ " أي: الكتب المزبورة, المنزلة من السماء, التي لا يمكن أن يأتي بها غير الرسل.
" وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ " للأحكام الشرعية, وبيان ما اشتملت عليه من المحاسن العقلية, ومنير أيضا للأخبار الصادقة.
فإذا كان هذا عادتهم في عدم الإيمان بالرسل, الذين هذا وصفهم.
فلا يحزنك أمرهم, ولا يهلك شأنهم.
أي: هذه عادة الظالمين, ودأبهم, الكفر بالله, وتكذيب رسل الله.
وليس تكذيبهم لرسل الله, عن تصور بما أتوا به, أو عدم تبين حجة.
بل قد " جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ " أي: الحجج العقلية, والبراهين النقلية.
" وَالزُّبُرِ " أي: الكتب المزبورة, المنزلة من السماء, التي لا يمكن أن يأتي بها غير الرسل.
" وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ " للأحكام الشرعية, وبيان ما اشتملت عليه من المحاسن العقلية, ومنير أيضا للأخبار الصادقة.
فإذا كان هذا عادتهم في عدم الإيمان بالرسل, الذين هذا وصفهم.
فلا يحزنك أمرهم, ولا يهلك شأنهم.
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ↓
ثم قال تعالى: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ " الآية.
هذه الآية الكريمة, فيها التزهيد في الدنيا بفنائها, وعدم بقائها, وأنها متاع الغرور, تفتن بزخرفها, وتخدع بغرورها, وتغر بمحاسنها.
ثم هي منتقلة, ومنتقل عنها, إلى دار القرار, التي توفى فيها النفوس, ما عملت في هذه الدار, من خير, وشر.
" فَمَنْ زُحْزِحَ " أي: أخرج " عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ " .
أي: حصل له الفوز العظيم, بالنجاة من العذاب الأليم, والوصول إلى جنات النعيم, التي فيها, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
ومفهوم الآية, أن من لم يزحزح عن النار, ويدخل الجنة, فإنه لم يفز, بل قد شقى الشقاء الأبدي, وابتلي بالعذاب السرمدي.
وفي هذه الآية, إشارة لطيفة, إلى نعيم البرزخ وعذابه, وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء, مما عملوه, ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه.
يفهم هذا من قوله " وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي: توفية الأعمال التامة, إنما يكون يوم القيامة.
وأما ما دون ذلك, فيكون في البرزخ.
بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله " وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ " .
هذه الآية الكريمة, فيها التزهيد في الدنيا بفنائها, وعدم بقائها, وأنها متاع الغرور, تفتن بزخرفها, وتخدع بغرورها, وتغر بمحاسنها.
ثم هي منتقلة, ومنتقل عنها, إلى دار القرار, التي توفى فيها النفوس, ما عملت في هذه الدار, من خير, وشر.
" فَمَنْ زُحْزِحَ " أي: أخرج " عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ " .
أي: حصل له الفوز العظيم, بالنجاة من العذاب الأليم, والوصول إلى جنات النعيم, التي فيها, ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
ومفهوم الآية, أن من لم يزحزح عن النار, ويدخل الجنة, فإنه لم يفز, بل قد شقى الشقاء الأبدي, وابتلي بالعذاب السرمدي.
وفي هذه الآية, إشارة لطيفة, إلى نعيم البرزخ وعذابه, وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء, مما عملوه, ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه.
يفهم هذا من قوله " وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " أي: توفية الأعمال التامة, إنما يكون يوم القيامة.
وأما ما دون ذلك, فيكون في البرزخ.
بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله " وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ " .
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ↓
يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين, أنهم سيبتلون في أموالهم, من النفقات الواجبة والمستحبة, من التعريض لإتلافها, في سبيل الله, وفي أنفسهم من التكليف بأعباء التكاليف الثقيلة, على كثير من الناس, كالجهاد في سبيل الله, والتعرض فيه للتعب, والقتل, والأسر, والجراح, وكالأمراض التي تصيبه في نفسه, أو فيمن يحب.
" وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " من الطعن فيكم, وفي دينكم, وكتابكم, ورسولكم.
وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك, عدة فوائد.
منها: أن حكمته تعالى, تقتضي ذلك, ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
ومنها: أنه تعالى, يقدر عليهم هذه الأمور, لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم, ويكفر من سيئاتهم, وليزداد بذلك, إيمانهم, ويتم به إيقانهم.
فإنه إذا أخبرهم بذلك ووقع كما أخبر [قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما] ومنها: أنه أخبرهم بذلك, لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك, والصبر عليه إذا وقع.
لأنهم قد استعدوا لوقوعه, فيهون عليهم حمله, وتخف عليهم مؤنته ويلجأون إلى الصبر والتقوى, ولهذا قال: " وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا " أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم, من الابتلاء, والامتحان, وعلى أذية الظالمين, وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله, والتقرب إليه, ولم تتعدوا في صبركم, الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال, بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله.
" فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " أي: من الأمور التي يعزم عليها, وينافس فيها, ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى.
" وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " .
" وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " من الطعن فيكم, وفي دينكم, وكتابكم, ورسولكم.
وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك, عدة فوائد.
منها: أن حكمته تعالى, تقتضي ذلك, ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
ومنها: أنه تعالى, يقدر عليهم هذه الأمور, لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم, ويكفر من سيئاتهم, وليزداد بذلك, إيمانهم, ويتم به إيقانهم.
فإنه إذا أخبرهم بذلك ووقع كما أخبر [قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما] ومنها: أنه أخبرهم بذلك, لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك, والصبر عليه إذا وقع.
لأنهم قد استعدوا لوقوعه, فيهون عليهم حمله, وتخف عليهم مؤنته ويلجأون إلى الصبر والتقوى, ولهذا قال: " وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا " أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم, من الابتلاء, والامتحان, وعلى أذية الظالمين, وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله, والتقرب إليه, ولم تتعدوا في صبركم, الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال, بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله.
" فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ " أي: من الأمور التي يعزم عليها, وينافس فيها, ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى.
" وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " .
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ↓
الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد.
وهذا الميثاق أخذه الله تعالى, على كل من أعطاه الله الكتب, وعلمه العلم, أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله, ولا يكتمهم ذلك, ويبخل عليهم به, خصوصا إذا سألوه, أو وقع ما يوجب ذلك.
فإن كل من عنده علم, يجب عليه في تلك الحال, أن يبينه, ويوضح الحق من الباطل.
فأما الموفقون, فقاموا بهذا أتم القيام, وعلموا الناس مما علمهم الله, ابتغاء مرضاة ربهم, وشفقة على الخلق, وخوفا من إثم الكتمان.
وأما الذين أوتو الكتاب, من اليهود والنصارى, ومن شابههم, فنبذوا هذه العهود والمواثيق, وراء ظهورهم, فلم يعبأوا بها.
فكتموا الحق, وأظهروا الباطل, تجرؤا على محارم الله, وتهاونا بحقوقه تعالى, وحقوق الخلق, واشتروا بذلك الكتمان, ثمنا قليلا.
وهو: ما يحصل لهم إن حصل, من بعض الرياسات, والأموال الحقيرة, من سفلتهم المتبعين أهواءهم, المقدمين شهواتهم على الحق.
" فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ " لأنه أخس العوض, والذي رغبوا عنه - وهو بيان الحق, الذي فيه السعادة الأبدية, والمصالح الدينية والدنيوية - أعظم المطالب وأجلها فلم يختاروا الدين الخسيس ويتركوا العالي النفيس, إلا لسوء حظهم, وهوانهم, وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له.
وهذا الميثاق أخذه الله تعالى, على كل من أعطاه الله الكتب, وعلمه العلم, أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله, ولا يكتمهم ذلك, ويبخل عليهم به, خصوصا إذا سألوه, أو وقع ما يوجب ذلك.
فإن كل من عنده علم, يجب عليه في تلك الحال, أن يبينه, ويوضح الحق من الباطل.
فأما الموفقون, فقاموا بهذا أتم القيام, وعلموا الناس مما علمهم الله, ابتغاء مرضاة ربهم, وشفقة على الخلق, وخوفا من إثم الكتمان.
وأما الذين أوتو الكتاب, من اليهود والنصارى, ومن شابههم, فنبذوا هذه العهود والمواثيق, وراء ظهورهم, فلم يعبأوا بها.
فكتموا الحق, وأظهروا الباطل, تجرؤا على محارم الله, وتهاونا بحقوقه تعالى, وحقوق الخلق, واشتروا بذلك الكتمان, ثمنا قليلا.
وهو: ما يحصل لهم إن حصل, من بعض الرياسات, والأموال الحقيرة, من سفلتهم المتبعين أهواءهم, المقدمين شهواتهم على الحق.
" فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ " لأنه أخس العوض, والذي رغبوا عنه - وهو بيان الحق, الذي فيه السعادة الأبدية, والمصالح الدينية والدنيوية - أعظم المطالب وأجلها فلم يختاروا الدين الخسيس ويتركوا العالي النفيس, إلا لسوء حظهم, وهوانهم, وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له.
لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ↓
ثم قال تعالى " لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا " أي: من القبائح, والباطل القولي والفعلي.
" وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا " أي: بالخير الذي لم يفعلوه, والحق الذي لم يقولوه.
فجمعوا بين فعل الشر وقوله, والفرح بذلك, ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.
" فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ " أي: بمحل نجوة منه وسلامة, بل قد استحقوه, وسيصيرون إليه, ولهذا قال " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .
ويدخل في هذه الآية الكريمة, أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم, ولم ينقادوا للرسول, وزعموا أنهم, المحقون في حالهم ومقالهم.
وكذلك كل من ابتدع بدعة, قولية أو فعلية, وفرح بها, ودعا إليها, وزعم أنه محق وغيره مبطل, كما هو الواقع من أهل البدع.
ودلت الآية بمفهومها, على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير, واتباع الحق, إذا لم يكن قصده بذلك, الرياء والسمعة, أنه غير مذموم.
بل هذا من الأمور المطلوبة, التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين, في الأعمال والأقوال, وأنه جازى بها خواص خلقه, وسألوها منه.
كما قال إبراهيم عليه السلام " وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ " .
وقال " سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " .
وقد قال عباد الرحمن " وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " وهي من نعم الباري على عبده, ومننه التي تحتاج إلى الشكر.
" وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا " أي: بالخير الذي لم يفعلوه, والحق الذي لم يقولوه.
فجمعوا بين فعل الشر وقوله, والفرح بذلك, ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.
" فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ " أي: بمحل نجوة منه وسلامة, بل قد استحقوه, وسيصيرون إليه, ولهذا قال " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .
ويدخل في هذه الآية الكريمة, أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم, ولم ينقادوا للرسول, وزعموا أنهم, المحقون في حالهم ومقالهم.
وكذلك كل من ابتدع بدعة, قولية أو فعلية, وفرح بها, ودعا إليها, وزعم أنه محق وغيره مبطل, كما هو الواقع من أهل البدع.
ودلت الآية بمفهومها, على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير, واتباع الحق, إذا لم يكن قصده بذلك, الرياء والسمعة, أنه غير مذموم.
بل هذا من الأمور المطلوبة, التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين, في الأعمال والأقوال, وأنه جازى بها خواص خلقه, وسألوها منه.
كما قال إبراهيم عليه السلام " وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ " .
وقال " سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ " .
وقد قال عباد الرحمن " وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " وهي من نعم الباري على عبده, ومننه التي تحتاج إلى الشكر.
أي: هو المالك للسموات والأرض وما فيهما, من سائر أصناف الخلق, المتصرف فيهم, بكمال القدرة, وبديع الصنعة, فلا يمتنع عليه منهم أحد, ولا يعجزه أحد.
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ ↓
يخبر تعالى " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ " .
وفي ضمن ذلك, حث العباد على التفكر فيها, والتبصر بآياتها, وتدبر خلقها.
وأبهم قوله " آيَاتٍ " ولم يقل " على المطلب الفلاني " إشارة لكثرثها وعمومها.
وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة, ما يبهر الناظرين, ويقنع المتفكرين, ويجذب أفئدة الصادقين, وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية.
فأما تفصيل ما اشتملت عليه, فلا يمكن مخلوقا أن يحصره, ويحيط ببعضه.
وفي الجملة, فما فيها من العظمة والسعة, وانتظام السير والحركة, يدل على عظمة خالقها, وعظمة سلطانه وشمول قدرته وما فيها, من الإحكام, والإتقان, وبديع الصنع, ولطائف الفعل, يدل على حكمة الله, ووضعه الأشياء مواضعها, وسعة علمه.
وما فيها من المنافع للخلق, يدل على سعة رحمة الله, وعموم فضله, وشمول بره ووجوب شكره.
وكل ذلك, يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها, وبذل الجهد في مرضاته, وأن لا يشرك به سواه, ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره, مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
وخص الله بالآيات, أولي الألباب, وهم: أهل العقول, لأنهم, هم المنتفعون بها, الناظرون إليها بعقولهم, لا بأبصارهم.
وفي ضمن ذلك, حث العباد على التفكر فيها, والتبصر بآياتها, وتدبر خلقها.
وأبهم قوله " آيَاتٍ " ولم يقل " على المطلب الفلاني " إشارة لكثرثها وعمومها.
وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة, ما يبهر الناظرين, ويقنع المتفكرين, ويجذب أفئدة الصادقين, وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية.
فأما تفصيل ما اشتملت عليه, فلا يمكن مخلوقا أن يحصره, ويحيط ببعضه.
وفي الجملة, فما فيها من العظمة والسعة, وانتظام السير والحركة, يدل على عظمة خالقها, وعظمة سلطانه وشمول قدرته وما فيها, من الإحكام, والإتقان, وبديع الصنع, ولطائف الفعل, يدل على حكمة الله, ووضعه الأشياء مواضعها, وسعة علمه.
وما فيها من المنافع للخلق, يدل على سعة رحمة الله, وعموم فضله, وشمول بره ووجوب شكره.
وكل ذلك, يدل على تعلق القلب بخالقها ومبدعها, وبذل الجهد في مرضاته, وأن لا يشرك به سواه, ممن لا يملك لنفسه ولا لغيره, مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
وخص الله بالآيات, أولي الألباب, وهم: أهل العقول, لأنهم, هم المنتفعون بها, الناظرون إليها بعقولهم, لا بأبصارهم.
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ↓
ثم وصف أولي الألباب بأنهم " يَذْكُرُونَ اللَّهَ " في جميع أحوالهم " قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ " , وهذا يشمل جميع أنواع الذكر بالقول والقلب.
ويدخل في ذلك, الصلاة قائما, فإن لم يستطع فقاعدا, فإن لم يستطع, فعلى جنب.
وأنهم " وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: ليستدلوا بها على المقصود منها: ودل هذا, على أن التفكر عبادة, من صفات أولياء الله العارفين.
فإذا تفكروا بها, عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا فيقولون.
" رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ " عن كل ما لا يليق بجلالك, بالحق وللحق, بل خلقتها مشتملة على الحق.
" فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " بأن تعصمنا من السيئات, وتوفقنا للأعمال الصالحات, لننال بذلك, النجاة من النار.
ويتضمن ذلك, سؤال الجنة, لأنهم - إذا وقاهم الله عذاب النار - حصلت لهم الجنة.
ولكن لما قام الخوف بقلوبهم: دعوا الله بأهم الأمور عندهم.
ويدخل في ذلك, الصلاة قائما, فإن لم يستطع فقاعدا, فإن لم يستطع, فعلى جنب.
وأنهم " وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: ليستدلوا بها على المقصود منها: ودل هذا, على أن التفكر عبادة, من صفات أولياء الله العارفين.
فإذا تفكروا بها, عرفوا أن الله لم يخلقها عبثا فيقولون.
" رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ " عن كل ما لا يليق بجلالك, بالحق وللحق, بل خلقتها مشتملة على الحق.
" فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " بأن تعصمنا من السيئات, وتوفقنا للأعمال الصالحات, لننال بذلك, النجاة من النار.
ويتضمن ذلك, سؤال الجنة, لأنهم - إذا وقاهم الله عذاب النار - حصلت لهم الجنة.
ولكن لما قام الخوف بقلوبهم: دعوا الله بأهم الأمور عندهم.
" رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ " أي: لحصوله على السخط من الله, ومن ملائكته وأوليائه, ووقوع الفضيحة, التي لا نجاة منها, ولا منقذ منها.
ولهذا قال: " وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " ينقذونهم من عذابه.
وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم.
ولهذا قال: " وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " ينقذونهم من عذابه.
وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم.
رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ ↓
" رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " وهو محمد صلى الله عليه وسلم, يدعو الناس إليه, ويرغبهم فيه, في أصوله وفروعه.
" فَآمَنَّا " أي: أجبناه مبادرة, وسارعنا إليه.
وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم, وتبجح بنعمته, وتوسل إليه بذلك, أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم, لأن الحسنات يذهبن السيئات.
والذي من عليهم بالإيمان, يمن عليهم بالأمان التام.
" وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " يتضمن هذا الدعاء, التوفيق لفعل الخير, وترك الشر, الذي به يكون العبد من الأبرار, والاستمرار عليه, والثبات إلى الممات.
" فَآمَنَّا " أي: أجبناه مبادرة, وسارعنا إليه.
وفي هذا إخبار منهم بمنة الله عليهم, وتبجح بنعمته, وتوسل إليه بذلك, أن يغفر ذنوبهم ويكفر سيئاتهم, لأن الحسنات يذهبن السيئات.
والذي من عليهم بالإيمان, يمن عليهم بالأمان التام.
" وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " يتضمن هذا الدعاء, التوفيق لفعل الخير, وترك الشر, الذي به يكون العبد من الأبرار, والاستمرار عليه, والثبات إلى الممات.
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ↓
ولما ذكروا توفيق الله إياهم للإيمان, وتوسلهم به إلى تمام النعمة - سألوه الثواب على ذلك, وأن ينجز لهم ما وعدهم به على ألسنة رسله, من النصر, والظهور في الدنيا, ومن الفوز برضوان الله وجنته, في الآخرة فإنه تعالى, لا يخلف الميعاد, فأجاب الله دعاءهم, وقبل تضرعهم.
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ↓
فلهذا قال: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ " الآية أي: أجاب الله دعاءهم, دعاء العبادة, ودعاء الطلب وقال: " أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى " .
فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا.
أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب.
" فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا " .
فجمعوا بين الإيمان والهجرة, ومفارقة المحبوبات, من الأوطان, والأموال, طلبا لمرضاة ربهم, وجاهدوا في سبيل الله.
" لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " الذي يعطي عبده الثواب الجزيل, على العمل القليل.
" وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ " مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
فمن أراد ذلك, فليطلبه من الله بطاعته, والتقرب إليه, بما يقدر عليه العبد.
فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا.
أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب.
" فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا " .
فجمعوا بين الإيمان والهجرة, ومفارقة المحبوبات, من الأوطان, والأموال, طلبا لمرضاة ربهم, وجاهدوا في سبيل الله.
" لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " الذي يعطي عبده الثواب الجزيل, على العمل القليل.
" وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ " مما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
فمن أراد ذلك, فليطلبه من الله بطاعته, والتقرب إليه, بما يقدر عليه العبد.
وهذه الآية, المقصود منها, التسلية عما يحصل للذين كفروا, من متاع الدنيا, وتنعمهم فيها, وتقلبهم في البلاد, بأنواع التجارات, والمكاسب واللذات, وأنواع العز, والغلبة في بعض الأوقات,
فإن هذا كله " مَتَاعٌ قَلِيلٌ " ليس له ثبوت ولا بقاء, بل يتمتعون به قليلا, ويعذبون عليه طويلا, هذه أعلى حالة تكون للكافر, وقد رأيت ما تئول إليه.
لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ ↓
وأما المتقون لربهم, المؤمنون به - فمع ما يحصل لهم من عز الدنيا ونعيمها " لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا " .
فلو قدر أنهم في دار الدنيا, قد حصل لهم كل بؤس, وشدة, وعناد, ومشقة - لكان هذا - بالنسبة إلى النعيم المقيم, والعيش السليم, والسرور والحبور, والبهجة - نزرا يسيرا, ومنحة في صورة محنة, ولهذا قال تعالى: " وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ " وهم الذين برت قلوبهم, فبرت أقوالهم وأفعالهم.
فأثابهم البر الرحيم من بره, أجرا عظيما, وعطاء جسيما, وفوزا دائما.
فلو قدر أنهم في دار الدنيا, قد حصل لهم كل بؤس, وشدة, وعناد, ومشقة - لكان هذا - بالنسبة إلى النعيم المقيم, والعيش السليم, والسرور والحبور, والبهجة - نزرا يسيرا, ومنحة في صورة محنة, ولهذا قال تعالى: " وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ " وهم الذين برت قلوبهم, فبرت أقوالهم وأفعالهم.
فأثابهم البر الرحيم من بره, أجرا عظيما, وعطاء جسيما, وفوزا دائما.
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ↓
أي: وإن من أهل الكتاب, طائفة موفقة للخير, يؤمنون بالله, ويؤمنون بما أنزل إليكم, وما أنزل إليهم.
وهذا هو الإيمان النافع, لا كمن يؤمن ببعض الرسل والكتب, ويكفر ببعض.
ولهذا - لما كان إيمانهم عاما حقيقيا - صار نافعا, فأحدث لهم خشية الله, وخضوعهم لجلاله, الموجب للانقياد لأوامره ونواهيه, والوقوف عند حدوده.
وهؤلاء أهل الكتاب والعلم على الحقيقة, كما قال تعالى: " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " .
ومن تمام خشيتهم لله, أنهم لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا.
فلا يقدمون الدنيا على الدين, كما فعل أهل الانحراف الذين يكتمون ما أنزل الله ويشترون به ثمنا قليلا.
وأما هؤلاء, فعرفوا الأمر على الحقيقة, وعلموا أن من أعظم الخسران, الرضا بالدون عن الدين, والوقوف مع بعض حظوظ النفس السفلية, وترك الحق, الذي هو: أكبر حظ وفوز, من الدنيا والآخرة فآثروا الحق, وبينوه, ودعو إليه, وحذروا عن الباطل.
فأثابهم الله على ذلك, بأن وعدهم الأجر الجزيل, والثواب الجميل.
وأخبرهم بقربه, وأنه سريع الحساب, فلا يستبطئوا ما وعدهم الله.
لأن ما هو آت, محقق حصوله, فهو قريب.
وهذا هو الإيمان النافع, لا كمن يؤمن ببعض الرسل والكتب, ويكفر ببعض.
ولهذا - لما كان إيمانهم عاما حقيقيا - صار نافعا, فأحدث لهم خشية الله, وخضوعهم لجلاله, الموجب للانقياد لأوامره ونواهيه, والوقوف عند حدوده.
وهؤلاء أهل الكتاب والعلم على الحقيقة, كما قال تعالى: " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " .
ومن تمام خشيتهم لله, أنهم لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا.
فلا يقدمون الدنيا على الدين, كما فعل أهل الانحراف الذين يكتمون ما أنزل الله ويشترون به ثمنا قليلا.
وأما هؤلاء, فعرفوا الأمر على الحقيقة, وعلموا أن من أعظم الخسران, الرضا بالدون عن الدين, والوقوف مع بعض حظوظ النفس السفلية, وترك الحق, الذي هو: أكبر حظ وفوز, من الدنيا والآخرة فآثروا الحق, وبينوه, ودعو إليه, وحذروا عن الباطل.
فأثابهم الله على ذلك, بأن وعدهم الأجر الجزيل, والثواب الجميل.
وأخبرهم بقربه, وأنه سريع الحساب, فلا يستبطئوا ما وعدهم الله.
لأن ما هو آت, محقق حصوله, فهو قريب.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ↓
ثم حض المؤمنين, على ما يوصلهم إلى الفلاح - وهو: الفوز بالسعادة والنجاح, وأن الطريق الموصل إلى ذلك, لزوم الصبر, الذي هو حبس النفس على ما تكرهه, من ترك المعاصي, ومن الصبر على المصائب, وعلى الأوامر الثقيلة على النفوس, فأمرهم بالصبر على جميع ذلك.
والمصابرة هي: الملازمة والاستمرار على ذلك, على الدوام, ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال.
والمرابطة وهو: لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه, وأن يراقبوا أعداءهم ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم, لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي, وينجون من المكروه كذلك.
فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات.
فلم يفلح من أفلح, إلا بها, ولم يفت أحد, الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.
والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به.
تم تفسير " سورة آل عمران " , والحمد لله على نعمته, ونسأله تمام النعمة.
والمصابرة هي: الملازمة والاستمرار على ذلك, على الدوام, ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال.
والمرابطة وهو: لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه, وأن يراقبوا أعداءهم ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم, لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي, وينجون من المكروه كذلك.
فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات.
فلم يفلح من أفلح, إلا بها, ولم يفت أحد, الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.
والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به.
تم تفسير " سورة آل عمران " , والحمد لله على نعمته, ونسأله تمام النعمة.