من فرعون, إنه كان جبارا من المشركين, مسرفا في العلو والتكبر على عباد الله.
ولقد اصطفينا بني إسرائيل على علم منا بهم على عالمي زمانهم.
وأتيناهم من المعجزات على يد موسى ما فيه ابتلاؤهم واختبارهم رخاء وشدة.
إن هؤلاء المشركين من قومك- يا محمد- ليقولون:
ما هي إلا موتتا التي نموتها, وهي الموتة الأولى والأخيرة, وما نحن بعد مماتنا بمبعوثين للحساب والثواب والعقاب.
ويقولون أيضا: فأت- يا محمد أنت ومن معك- بآبائنا الذين قد ماتوا, إن كنتم صادقين في أن الله يبعث من في القبور أحياء.
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ↓
أهولاء المشركون خير أم قوم تبع الحميري والذين من قبلهم من الأمم الكافرة بربها؟ أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم, ليس هؤلاء المشركون بخير من أولئكم فنصفح عنهم, ولا نهلكهم, وهم بالله كافرون.
وما خلقنا السموات والأرض وبينهما لعبا,
وما خلقناهما إلا بالحق الذي هو سنة الله في خلقه بتدبيره, ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون ذلك, فلهذا لم يتفكروا فيهما; لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا.
إن يوم القضاء بين الخلق بما قدموا في دنياهم من خير أو شر هو ميقاتهم أجمعين.
يوم لا يدفع صاحب عن صاحبه شيئا؟ ولا ينصر بعضهم بعضا,
إلا من رحم الله من المؤمنين, فإنه قد يقع له عند ربه بعد إذن الله له إن الله هو العزيز في انتقامه من أعدائه, الرحيم بأوليائه وأهل طاعته.
إن شجرة الزقوم التي تخرج في أصل الجحيم,
ثمرها طعام صاحب الآثام الكثيرة, وأكبر الآثام الشرك بالله.
ثمر شجرة الزقوم كالمعدن المذاب يغلي في بطون المشركين,
كغلي الماء الذي بلغ الغاية في الحرارة.
خذوا هذا الأثيم الفاجر فادفعوه, وسوقوه بعنف إلى وسط الجحيم يوم القيامة.
ثم صبوا فوق رأس هذا الأثيم الماء الذي تناهت شدة حرارته, فلا يفارقه العذاب.
يقال لهذا الأثيم الشقي: ذق هذا العذاب الذي تعذب به اليوم, إنك أنت العزيز في قومك, الكريم عليهم.
وفي هذا تهكم به وتوبيخ له.
وفي هذا تهكم به وتوبيخ له.
إن هذا العذاب الي تعذبون به اليوم هو العذاب الذي كنتم تشكون فيه في الدنيا, ولا توقنون به.
إن الذين اتقوا الله بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه في الدنيا في موضع إقامة آمنين من الآفات والأحزان وغير ذلك.
في جنات وعيون جارية.
يلبسون ما رق من الديباج وما غلظ منه, يقابل بعضهم بعضا بالوجوه, ولا ينظر بعضهم في قفا بعض, يدور بهم مجلسهم حيث داروا.
كما أعطينا هؤلاء المتقين في الأخرة من الكرامة بإدخالهم الجنات وإلباسهم فيها السندس والاستبرق, كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم بالحسان من النساء واسعات الأعين جميلاتها.
يطلب هؤلاء المتقون في الجنة كل نوع من فواكه الجنة اشتهوه, آمنين من انقطاع ذلك عنهم وفنائه.
لا يذوق هؤلاء المتقون في الجنة الموت بعد الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا, ووقى الله هؤلاء التقين عذاب الجحيم.
تفضلا وإحسانا منه سبحانه وتعالى, هذا الذي أعطيناه المتقين في الآخرة من الكرامات هو الفوز العظيم الذي لا فوز بعده
فإنما سهلنا لفظ القرآن ومعناه بلغتك يا محمد; لعلهم يتعظي وينزجرون.
فانتظر- يا محمد- ما وعدتك من النصر على هؤلاء المشركين بالله, وما يحل بهم من العقاب, إنهم منتظرون موتك وقهرك, سيعلمون لمن تكون النصرة والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة, إنها لك- يا محمد- ولمن اتبعك من المؤمنين.