وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ↓
أي: واذكروا, إذ قلتم لموسى, على وجه التملل لنعم الله والاحتقار لها.
" لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ " أي: جنس من الطعام, وإن كان كما تقدم أنواعا, لكنها لا تتغير.
" فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا " أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه.
" وَقِثَّائِهَا " وهو الخيار " وَفُومِهَا " أي ثومها, " وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا " والعدس والبصل معروف.
قال لهم موسي " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى " وهو الأطعمة المذكورة.
" بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " وهو المن والسلوى, فهذا غير لائق بكم.
فإن هذه الأطعمة التي طلبتموها, أي مصر هبطتموه وجدتموها.
وأما طعامكم الذي من الله به عليكم, فهو خير الأطعمة وأشرفها, فكيف تطلبون به بدلا؟ ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم واحتقارهم لأوامر الله ونعمه, جازاهم من جنس عملهم فقال " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ " التي تشاهد على ظاهر أبدانهم " وَالْمَسْكَنَةُ " بقلوبهم.
فلم تكن أنفسهم عزيزة, ولا لهم همم عالية, بل أنفسهم أنفس مهينة, وهممهم أردأ الهمم.
" وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ " أي: لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا, إلا أن رجعوا بسخطه عليهم, فبئست الغنيمة غنيمتهم, وبئست الحالة حالتهم.
" ذَلِكَ " الذي استحقوا به غضبه " بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ " الدالات على الحق الموضحة, فلما كفروا بها, عاقبهم بغضبه عليهم, وبما كانوا " وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ " .
وقوله " بِغَيْرِ حَقٍّ " زيادة شناعة, وإلا فمن المعلوم أن قتل النبيين, لا يكون بحق, لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم.
" ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا " بأن ارتكبوا معاصي الله " وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " على عباد الله, فإن المعاصي يجر بعضها بعضا.
فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك, فنسأل الله العافية من كل بلاء.
واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزون القرآن, وهذه الأفعال المذكورة خوطبوا بها وهي فعل أسلافهم, ونسبت لهم لفوائد عديدة.
منها أنهم كانوا يتمدحون ويزكون أنفسهم, ويزعمون فضلهم على محمد ومن آمن به.
فبين الله من أحوال سلفهم التي قد تقررت عندهم, ما يبين به لكل واحد منهم, أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق, ومعالي الأعمال.
فإذا كانت هذه حالة سلفهم - مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة, ممن بعدهم - فكيف الظن بالمخاطبين؟!!.
ومنها أن نعمة الله على المتقدمين منهم, نعمة واصلة إلى المتأخرين, والنعمة على الآباء, نعمة على الأبناء.
فخوطبوا بها, لأنها نعم تشملهم وتعمهم.
ومنها أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم, مما يدل على أن الأمة المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها, حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد, وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع.
لأن ما يعمله بعضهم من الخير, يعود بمصلحة الجميع, وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع.
ومنها: أن أفعالهم أكثرها لم ينكرها, والراضي بالمعصية شريك للعاصي.
إلى غير ذلك من الحكم, التي لا يعلمها إلا الله.
" لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ " أي: جنس من الطعام, وإن كان كما تقدم أنواعا, لكنها لا تتغير.
" فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا " أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه.
" وَقِثَّائِهَا " وهو الخيار " وَفُومِهَا " أي ثومها, " وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا " والعدس والبصل معروف.
قال لهم موسي " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى " وهو الأطعمة المذكورة.
" بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " وهو المن والسلوى, فهذا غير لائق بكم.
فإن هذه الأطعمة التي طلبتموها, أي مصر هبطتموه وجدتموها.
وأما طعامكم الذي من الله به عليكم, فهو خير الأطعمة وأشرفها, فكيف تطلبون به بدلا؟ ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم واحتقارهم لأوامر الله ونعمه, جازاهم من جنس عملهم فقال " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ " التي تشاهد على ظاهر أبدانهم " وَالْمَسْكَنَةُ " بقلوبهم.
فلم تكن أنفسهم عزيزة, ولا لهم همم عالية, بل أنفسهم أنفس مهينة, وهممهم أردأ الهمم.
" وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ " أي: لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا, إلا أن رجعوا بسخطه عليهم, فبئست الغنيمة غنيمتهم, وبئست الحالة حالتهم.
" ذَلِكَ " الذي استحقوا به غضبه " بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ " الدالات على الحق الموضحة, فلما كفروا بها, عاقبهم بغضبه عليهم, وبما كانوا " وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ " .
وقوله " بِغَيْرِ حَقٍّ " زيادة شناعة, وإلا فمن المعلوم أن قتل النبيين, لا يكون بحق, لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم.
" ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا " بأن ارتكبوا معاصي الله " وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " على عباد الله, فإن المعاصي يجر بعضها بعضا.
فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير, ثم ينشأ عنه الذنب الكبير, ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك, فنسأل الله العافية من كل بلاء.
واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزون القرآن, وهذه الأفعال المذكورة خوطبوا بها وهي فعل أسلافهم, ونسبت لهم لفوائد عديدة.
منها أنهم كانوا يتمدحون ويزكون أنفسهم, ويزعمون فضلهم على محمد ومن آمن به.
فبين الله من أحوال سلفهم التي قد تقررت عندهم, ما يبين به لكل واحد منهم, أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق, ومعالي الأعمال.
فإذا كانت هذه حالة سلفهم - مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة, ممن بعدهم - فكيف الظن بالمخاطبين؟!!.
ومنها أن نعمة الله على المتقدمين منهم, نعمة واصلة إلى المتأخرين, والنعمة على الآباء, نعمة على الأبناء.
فخوطبوا بها, لأنها نعم تشملهم وتعمهم.
ومنها أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم, مما يدل على أن الأمة المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها, حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد, وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع.
لأن ما يعمله بعضهم من الخير, يعود بمصلحة الجميع, وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع.
ومنها: أن أفعالهم أكثرها لم ينكرها, والراضي بالمعصية شريك للعاصي.
إلى غير ذلك من الحكم, التي لا يعلمها إلا الله.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ↓
ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .
وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة, لأن الصابئين, الصحيح, أنهم من جملة فرق النصارى.
فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة, واليهود والنصارى, والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر, وصدقوا رسلهم, فإن لهم الأجر العظيم, والأمن, ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر, فهو بضد هذه الحال, فعليه الخوف والحزن.
والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف, من حيث هم, لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد, فإن هذا, إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا مضمون أحوالهم.
وهذه طريقة القرآن, إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام, فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم, لأنه تنزيل ممن يعلم الأشياء قبل وجودها, ومن رحمته وسعت كل شيء.
وذلك - والله أعلم - أنه ذكر بني إسرائيل وذمهم, وذكر معاصيهم وقبائحهم, ربما وقع في بعض النفوس, أنهم كلهم يشملهم الذم.
فأراد الباري تعالى أن يبين من لا يلحقه الذم منهم بوصفه.
ولما كان أيضا, ذكر بني إسرائيل خاصة, يوهم الاختصاص بهم, ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها, ليتضح الحق, ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه, ما يبهر عقول العالمين.
وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة, لأن الصابئين, الصحيح, أنهم من جملة فرق النصارى.
فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة, واليهود والنصارى, والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر, وصدقوا رسلهم, فإن لهم الأجر العظيم, والأمن, ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر, فهو بضد هذه الحال, فعليه الخوف والحزن.
والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف, من حيث هم, لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد, فإن هذا, إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا مضمون أحوالهم.
وهذه طريقة القرآن, إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام, فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم, لأنه تنزيل ممن يعلم الأشياء قبل وجودها, ومن رحمته وسعت كل شيء.
وذلك - والله أعلم - أنه ذكر بني إسرائيل وذمهم, وذكر معاصيهم وقبائحهم, ربما وقع في بعض النفوس, أنهم كلهم يشملهم الذم.
فأراد الباري تعالى أن يبين من لا يلحقه الذم منهم بوصفه.
ولما كان أيضا, ذكر بني إسرائيل خاصة, يوهم الاختصاص بهم, ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها, ليتضح الحق, ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه, ما يبهر عقول العالمين.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ↓
ثم عاد تبارك وتعالى يوبخ بني إسرائيل بما فعل سلفهم فقال: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ " الآية.
أي: واذكروا " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ " وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم, برفع الطور فوقهم وقيل لهم " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ " من التوراة " بِقُوَّةٍ " أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله.
" وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ " أي: ما في كتابكم, بأن تتلوه وتتعلموه.
" لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " عذاب الله وسخطه, أو لتكونوا من أهل التقوى.
أي: واذكروا " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ " وهو العهد الثقيل المؤكد بالتخويف لهم, برفع الطور فوقهم وقيل لهم " خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ " من التوراة " بِقُوَّةٍ " أي: بجد واجتهاد, وصبر على أوامر الله.
" وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ " أي: ما في كتابكم, بأن تتلوه وتتعلموه.
" لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " عذاب الله وسخطه, أو لتكونوا من أهل التقوى.
ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ↓
فبعد هذا التأكيد البليغ " تَوَلَّيْتُمْ " وأعرضتم, وكان ذلك موجبا لأن يحل بكم أعظم العقوبات.
ولكن " فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
ولكن " فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ " .
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ↓
" وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ " أي: ولقد تقرر عندكم حالة " الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ " وهم الذين ذكر الله قصتهم مبسوطة في سورة الأعراف في قوله " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ " الآيات.
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم, أن غضب الله عليهم, وجعلهم " قِرَدَةً خَاسِئِينَ " حقيرين ذليلين.
فأوجب لهم هذا الذنب العظيم, أن غضب الله عليهم, وجعلهم " قِرَدَةً خَاسِئِينَ " حقيرين ذليلين.
وجعل الله هذه العقوبة " نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا " أي: لمن حضرها من الأمم, وبلغه خبرها, ممن هو في وقتهم.
" وَمَا خَلْفَهَا " أي: من بعدها, فتقوم على العباد حجة الله, وليرتدعوا عن معاصيه, ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين.
وأما من عداهم, فلا ينتفعون بالآيات
" وَمَا خَلْفَهَا " أي: من بعدها, فتقوم على العباد حجة الله, وليرتدعوا عن معاصيه, ولكنها لا تكون موعظة نافعة إلا للمتقين.
وأما من عداهم, فلا ينتفعون بالآيات
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ↓
أي: واذكروا ما جرى لكم مع موسى, حين قتلتم قتيلا, فأدارئتم فيه, أي: تدافعتم واختلفتم في قاتله, حتى تفاقم الأمر بينكم وكاد - لولا تبيين الله لكم - يحدث بينكم شر كبير.
فقال لكم موسى في تبين القائل: اذبحوا بقرة.
وكان من الواجب, المبادرة إلى امتثال أمره, وعدم الاعتراض عليه.
ولكنهم أبوا إلا الاعتراض, فقالوا: " أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا " فقال نبي الله " أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " .
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده.
فلما قال لهم موسى ذلك, علموا أن ذلك صدق فقالوا
فقال لكم موسى في تبين القائل: اذبحوا بقرة.
وكان من الواجب, المبادرة إلى امتثال أمره, وعدم الاعتراض عليه.
ولكنهم أبوا إلا الاعتراض, فقالوا: " أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا " فقال نبي الله " أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " .
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده.
فلما قال لهم موسى ذلك, علموا أن ذلك صدق فقالوا
قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ ↓
" ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ " أي: ما سنها " قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ " أي: كبيرة " وَلَا بِكْرٌ " أي: صغيرة " عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ " أي: متوسطة بين.
السنين, المذكورين سابقا.
وهما الصغر والكبر.
" فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ " واتركوا التشديد والتعنت.
السنين, المذكورين سابقا.
وهما الصغر والكبر.
" فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ " واتركوا التشديد والتعنت.
قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ↓
" قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا " أي: شديد " تَسُرُّ النَّاظِرِينَ " من حسنها.
قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ↓
" قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا " فلم نهتد إلى ما تريد " وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ ↓
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ " أي مذللة بالعمل.
" تُثِيرُ الْأَرْضَ " بالحراثة " وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ " أي: ليست بسانية " مُسَلَّمَةٌ " من العيوب أو من العمل " لَا شِيَةَ فِيهَا " أي: لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم.
" قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ " أي: بالبيان الواضح.
وهذا من جهلهم, وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة.
فلو أنهم اعترضوا أي بقرة, لحصل المقصود, ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم, ولو لم يقولوا " إن شاء الله " لم يهتدوا أيضا إليها.
" فَذَبَحُوهَا " أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات.
" وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " بسب التعنت الذي جرى منهم.
" تُثِيرُ الْأَرْضَ " بالحراثة " وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ " أي: ليست بسانية " مُسَلَّمَةٌ " من العيوب أو من العمل " لَا شِيَةَ فِيهَا " أي: لا لون فيها غير لونها الموصوف المتقدم.
" قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ " أي: بالبيان الواضح.
وهذا من جهلهم, وإلا فقد جاءهم بالحق أول مرة.
فلو أنهم اعترضوا أي بقرة, لحصل المقصود, ولكنهم شددوا بكثرة الأسئلة فشدد الله عليهم, ولو لم يقولوا " إن شاء الله " لم يهتدوا أيضا إليها.
" فَذَبَحُوهَا " أي: البقرة التي وصفت بتلك الصفات.
" وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " بسب التعنت الذي جرى منهم.
فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ↓
فلما ذبحوها, قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها, أي: بعضو منها, إما بعضو معين, أو أي عضو منها, فليس في تعيينه فائدة, فضربوه ببعضها فأحياه الله, وأخرج ما كانوا يكتمون, فأخبر بقاتله.
وكان في إحيائه - وهم يشاهدون - ما يدل على إحياء الله الموتى.
لعلكم تعقلون, فتنزجرون عن ما يضركم.
وكان في إحيائه - وهم يشاهدون - ما يدل على إحياء الله الموتى.
لعلكم تعقلون, فتنزجرون عن ما يضركم.
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ↓
" ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ " أي: اشتدت وغلظت, فلم تؤثر فيها الموعظة.
" مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ " أي: من بعد ما أنعم الله عليكم بالنعم العظيمة, وأراكم الآيات.
ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم, لأن ما شاهدتم, مما يوجب رقة القلب وانقياده.
ثم وصف قسوتها بأنها " كَالْحِجَارَةِ " التي هي أشد قسوة من الحديد.
لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار, ذاب, بخلاف الأحجار.
وقوله " أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً " أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار.
وليست " أو " بمعنى " بل " .
ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم فقال " وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " فبهذه الأمور فضلت قلوبكم.
ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد فقال " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها, وسيجازيكم على ذلك, أتم الجزاء وأوفاه.
واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله, قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل, ونزلوا عليها الآيات القرآنية, وجعلوها تفسيرا لكتاب الله, محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " .
والذي أرى أنه, وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه, تكون مفردة غير مقرونة, ولا منزلة على كتاب الله, فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " .
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها, وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه.
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة, التي يغلب على الظن كذبها, أو كذب أكثرها, معاني لكتاب الله, مقطوعا بها, ولا يستريب بهذا أحد.
ولكن بسبب الغفلة عن هذا, حصل ما حصل.
والله الموفق.
" مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ " أي: من بعد ما أنعم الله عليكم بالنعم العظيمة, وأراكم الآيات.
ولم يكن ينبغي أن تقسو قلوبكم, لأن ما شاهدتم, مما يوجب رقة القلب وانقياده.
ثم وصف قسوتها بأنها " كَالْحِجَارَةِ " التي هي أشد قسوة من الحديد.
لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار, ذاب, بخلاف الأحجار.
وقوله " أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً " أي: إنها لا تقصر عن قساوة الأحجار.
وليست " أو " بمعنى " بل " .
ثم ذكر فضيلة الأحجار على قلوبهم فقال " وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " فبهذه الأمور فضلت قلوبكم.
ثم توعدهم تعالى أشد الوعيد فقال " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " بل هو عالم بها حافظ لصغيرها وكبيرها, وسيجازيكم على ذلك, أتم الجزاء وأوفاه.
واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله, قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل, ونزلوا عليها الآيات القرآنية, وجعلوها تفسيرا لكتاب الله, محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " .
والذي أرى أنه, وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه, تكون مفردة غير مقرونة, ولا منزلة على كتاب الله, فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " .
فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها, وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه.
فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة, التي يغلب على الظن كذبها, أو كذب أكثرها, معاني لكتاب الله, مقطوعا بها, ولا يستريب بهذا أحد.
ولكن بسبب الغفلة عن هذا, حصل ما حصل.
والله الموفق.
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ↓
هذا قطع لأطماع المؤمنين من إيمان أهل الكتاب, أي: فلا تطمعوا في إيمانهم.
وأخلاقهم لا تقتضي الطمع فيهم, فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه, فيضعون له معاني, ما أرادها الله, ليوهموا الناس أنها من عند الله, وما هي من عند الله.
فإذا كانت حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله, فكيف يرجى منهم إيمان لكم؟!.
فهذا من أبعد الأشياء.
وأخلاقهم لا تقتضي الطمع فيهم, فإنهم كانوا يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه وعلموه, فيضعون له معاني, ما أرادها الله, ليوهموا الناس أنها من عند الله, وما هي من عند الله.
فإذا كانت حالهم في كتابهم الذي يرونه شرفهم ودينهم يصدون به الناس عن سبيل الله, فكيف يرجى منهم إيمان لكم؟!.
فهذا من أبعد الأشياء.
وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ↓
ثم ذكر حال منافقي أهل الكتاب فقال " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا " فأظهروا لهم الإيمان قولا بألسنتهم, ما ليس في قلوبهم.
" وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ " فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم قال بعضهم لبعض: " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم, فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟.
يقولون: إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق, وما هم عليه باطل, فيحتجون عليكم بذلك عند ربهم.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟.
هذا يقوله بعضهم لبعض.
" وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ " فلم يكن عندهم أحد من غير أهل دينهم قال بعضهم لبعض: " أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " أي: أتظهرون لهم الإيمان وتخبروهم أنكم مثلهم, فيكون ذلك حجة لهم عليكم؟.
يقولون: إنهم قد أقروا بأن ما نحن عليه حق, وما هم عليه باطل, فيحتجون عليكم بذلك عند ربهم.
" أَفَلَا تَعْقِلُونَ " أي: أفلا يكون لكم عقل, فتتركون ما هو حجة عليكم؟.
هذا يقوله بعضهم لبعض.
" أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " فهم وإن أسروا ما يعتقدونه فيما بينهم, وزعموا أنهم بإسرارهم, لا يتطرق عليهم حجة للمؤمنين, فإن هذا غلط منهم وجهل كبير, فإن الله يعلم سرهم وعلنهم, فيظهر لعباده ما هم عليه.
" وَمِنْهُمْ " أي: من أهل الكتاب " أُمِّيُّونَ " أي: عوام, وليسوا من أهل العلم.
" لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ " أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم, وهؤلاء, إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
فذكر في هذه الآيات علماءهم, وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم, فالعلماء منهم, متمسكون بما هم عليه من الضلال.
والعوام مقلدون لهم, لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.
" لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ " أي: ليس لهم حظ من كتاب الله إلا التلاوة فقط, وليس عندهم خبر بما عند الأولين الذين يعلمون حق المعرفة حالهم, وهؤلاء, إنما معهم ظنون وتقاليد لأهل العلم منهم.
فذكر في هذه الآيات علماءهم, وعوامهم, ومنافقيهم, ومن لم ينافق منهم, فالعلماء منهم, متمسكون بما هم عليه من الضلال.
والعوام مقلدون لهم, لا بصيرة عندهم فلا مطمع لكم في الطائفتين.
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ↑
توعد تعالى المحرفين للكتاب, الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون " هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق, وإنما فعلوا ذلك مع علمهم " لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا " .
والدنيا كلها - من أولها إلى آخرها ثمن - قليل.
فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس, فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم, ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق, بل بأبطل الباطل, وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما.
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال " فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ " أي: من التحريف والباطل " وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " من الأموال.
والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله " أَفَتَطْمَعُونَ " إلى " يَكْسِبُونَ " : فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه, وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة, على ما أصله من البدع الباطلة.
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه.
ومتناول لمن كتب كتابا بيده, مخالفا لكتاب الله, لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله, مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين, وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة, وهذا هو أصول الدين, الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية.
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة, لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة, كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء.
انتهى.
والدنيا كلها - من أولها إلى آخرها ثمن - قليل.
فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس, فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم, ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق, بل بأبطل الباطل, وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما.
ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال " فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ " أي: من التحريف والباطل " وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " من الأموال.
والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله " أَفَتَطْمَعُونَ " إلى " يَكْسِبُونَ " : فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه, وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة, على ما أصله من البدع الباطلة.
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه.
ومتناول لمن كتب كتابا بيده, مخالفا لكتاب الله, لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله, مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين, وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة, وهذا هو أصول الدين, الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية.
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة, لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة, كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء.
انتهى.
وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ↓
ذكر أفعالهم القبيحة, ثم ذكر - مع هذا - أنهم يزكون أنفسهم, ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله, والفوز بثوابه, وأنهم لم تمسهم النار إلا أياما معدودة, أي: قليلة تعد بالأصابع, فجمعوا بين الإساءة والأمن.
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم فقال: " قُلْ " لهم, يا أيها الرسول " أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا " أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته, فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل.
" أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم ومتوقف على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما.
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا, فتكون دعواهم صحيحة.
وإما أن يكونوا متقولين عليه, فتكون كاذبة, فيكون أبلغ لخزيهم عذابهم.
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا, لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء, حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم, ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق.
فتعين بذلك, أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون.
والقول عليه بلا علم, من أعظم المحرمات, وأشنع القبيحات.
ولما كان هذا مجرد دعوى, رد الله تعالى عليهم فقال: " قُلْ " لهم, يا أيها الرسول " أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا " أي بالإيمان به وبرسله وبطاعته, فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل.
" أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ " ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم ومتوقف على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما.
إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهدا, فتكون دعواهم صحيحة.
وإما أن يكونوا متقولين عليه, فتكون كاذبة, فيكون أبلغ لخزيهم عذابهم.
وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهدا, لتكذيبهم كثيرا من الأنبياء, حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم, ولنكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق.
فتعين بذلك, أنهم متقولون مختلقون, قائلون عليه ما لا يعلمون.
والقول عليه بلا علم, من أعظم المحرمات, وأشنع القبيحات.
بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ↓
ثم ذكر تعالى, حكما عاما لكل أحد, يدخل فيه بنو إسرائيل وغيرهم, وهو الحكم الذي لا حكم غيره, لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين فقال: " بَلَى " أي: ليس الأمر كما ذكرتم, فإنه قول لا حقيقة له.
ولكن " مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً " وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه.
والمراد به: - هنا - الشرك, بدليل قوله " وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ " أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
" فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.
ولكن " مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً " وهو نكرة في سياق الشرط, فيعم الشرك فما دونه.
والمراد به: - هنا - الشرك, بدليل قوله " وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ " أي: أحاطت بعاملها, فلم تدع له منفذا, وهذا لا يكون إلا الشرك, فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
" فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية, وهي حجة عليهم كما ترى, فإنها ظاهرة في الشرك, وهكذا كل مبطل يحتج بآية, أو حديث صحيح على قوله الباطل فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ↓
" وَالَّذِينَ آمَنُوا " بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر.
" وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله, متبعا بها سنة رسوله.
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز, هم أهل الإيمان والعمل الصالح.
والهالكون أهل النار هم المشركون بالله, الكافرون به.
فهذه الشرائع من أصول الدين, التي أمر الله بها في كل شريعة, لاشتمالها على المصالح العامة, في كل زمان ومكان, فلا يدخلها نسخ, كأصل الدين.
ولهذا أمرنا بها في قوله " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " إلى آخر الآية.
" وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين: أن تكون خالصة لوجه الله, متبعا بها سنة رسوله.
فحاصل هاتين الآيتين, أن أهل النجاة والفوز, هم أهل الإيمان والعمل الصالح.
والهالكون أهل النار هم المشركون بالله, الكافرون به.
فهذه الشرائع من أصول الدين, التي أمر الله بها في كل شريعة, لاشتمالها على المصالح العامة, في كل زمان ومكان, فلا يدخلها نسخ, كأصل الدين.
ولهذا أمرنا بها في قوله " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا " إلى آخر الآية.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ ↓
فقوله " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " هذا من قسوتهم أن كل أمر أمروا به, استعصوا فلا يقبلونه إلا بالأيمان الغليظة, والعهود الموثقة.
" لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ " هذا أمر بعبادة الله وحده, ونهى عن الشرك به.
وهذا أصل الدين, فلا تقبل الأعمال كلها, إن لم يكن هذا أساسها, فهذا حق الله تعالى على عباده, ثم قال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا بالوالدين إحسانا.
وهذا يعم كل إحسان, قولي, وفعلي, مما هو إحسان إليهم.
وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين, أو عدم الإحسان والإساءة.
لأن الواجب, الإحسان, والأمر بالشيء, نهي عن ضده.
وللإحسان ضدان: الإساءة, وهي أعظم جرما.
وترك الإحسان بدون إساءة, وهذا محرم, لكن لا يجب أن يلحق بالأول.
وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى, والمساكين.
وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد, بل تكون بالحد, كما تقدم.
ثم أمر بالإحسان إلى الناس عموما فقال: " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف, ونهيهم عن المنكر, وتعليمهم العلم, وبذل السلام, والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب.
ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله, أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق, وهو الإحسان بالقول, فيكون في ضمن ذلك, النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار, ولهذا قال تعالى: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده, أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله, غير فاحش ولا بذيء, ولا شاتم, ولا مخاصم.
بل يكون حسن الخلق, واسع الحلم, مجاملا لكل أحد, صبورا على ما يناله من أذى الخلق, امتثالا لأمر الله, ورجاء لثوابه.
ثم أمرهم بإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد.
ثم بعد هذا الأمر لكم, بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل, عرف أن من إحسان الله على عباده, أن أمرهم بها,, وتفضل بها عليهم, وأخذ المواثيق عليكم " ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ " على وجه الإعراض.
لأن المتولي قد يتولى, وله نية رجوع إلى ما تولى عنه.
وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر.
فنعوذ بالله من الخذلان.
وقوله " إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ " هذا استثناء, لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم.
فأخبر أن قليلا منهم, عصمهم الله وثبتهم.
" لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ " هذا أمر بعبادة الله وحده, ونهى عن الشرك به.
وهذا أصل الدين, فلا تقبل الأعمال كلها, إن لم يكن هذا أساسها, فهذا حق الله تعالى على عباده, ثم قال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا بالوالدين إحسانا.
وهذا يعم كل إحسان, قولي, وفعلي, مما هو إحسان إليهم.
وفيه النهي عن الإساءة إلى الوالدين, أو عدم الإحسان والإساءة.
لأن الواجب, الإحسان, والأمر بالشيء, نهي عن ضده.
وللإحسان ضدان: الإساءة, وهي أعظم جرما.
وترك الإحسان بدون إساءة, وهذا محرم, لكن لا يجب أن يلحق بالأول.
وكذا يقال في صلة الأقارب واليتامى, والمساكين.
وتفاصيل الإحسان لا تنحصر بالعد, بل تكون بالحد, كما تقدم.
ثم أمر بالإحسان إلى الناس عموما فقال: " وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا " ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف, ونهيهم عن المنكر, وتعليمهم العلم, وبذل السلام, والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب.
ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله, أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق, وهو الإحسان بالقول, فيكون في ضمن ذلك, النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار, ولهذا قال تعالى: " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ " .
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده, أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله, غير فاحش ولا بذيء, ولا شاتم, ولا مخاصم.
بل يكون حسن الخلق, واسع الحلم, مجاملا لكل أحد, صبورا على ما يناله من أذى الخلق, امتثالا لأمر الله, ورجاء لثوابه.
ثم أمرهم بإقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد.
ثم بعد هذا الأمر لكم, بهذه الأوامر الحسنة التي إذا نظر إليها البصير العاقل, عرف أن من إحسان الله على عباده, أن أمرهم بها,, وتفضل بها عليهم, وأخذ المواثيق عليكم " ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ " على وجه الإعراض.
لأن المتولي قد يتولى, وله نية رجوع إلى ما تولى عنه.
وهؤلاء ليس لهم رغبة ولا رجوع في هذه الأوامر.
فنعوذ بالله من الخذلان.
وقوله " إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ " هذا استثناء, لئلا يوهم أنهم تولوا كلهم.
فأخبر أن قليلا منهم, عصمهم الله وثبتهم.
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ↓
وهذا الفعل المذكور في هذه الآية, فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة.
وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية.
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع.
فكل فرقة منهم, حالفت فرقة من أهل المدينة.
فكانوا إذا اقتتلوا, أعان اليهودي حليفه على مقاتليه, الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب.
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا.
والأمور الثلاثة كلها, قد فرضت عليهم.
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم, وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه.
وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية.
فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع.
فكل فرقة منهم, حالفت فرقة من أهل المدينة.
فكانوا إذا اقتتلوا, أعان اليهودي حليفه على مقاتليه, الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب.
ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا.
والأمور الثلاثة كلها, قد فرضت عليهم.
ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم, وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه.
ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ↓
فعملوا بالأخير وتركوا الأولين, فأنكر الله عليهم ذلك فقال: " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ " وهو فداء الأسير " وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ " وهو القتل والإخراج.
وفيها دليل على أن الإيمان, يقتضي فعل الأوامر, واجتناب النواهي وأن المأمورات من الإيمان قال تعالى: " فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وقد وقع ذلك.
فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ " أي: أعظمه " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " .
وفيها دليل على أن الإيمان, يقتضي فعل الأوامر, واجتناب النواهي وأن المأمورات من الإيمان قال تعالى: " فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " وقد وقع ذلك.
فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى.
" وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ " أي: أعظمه " وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " .
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ↓
ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب, والإيمان ببعضه فقال: " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ " توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار, فاختاروا النار على العار.
فلهذا قال: " فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ " بل: هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات.
" وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم مكروه.
فلهذا قال: " فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ " بل: هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات.
" وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ " أي: يدفع عنهم مكروه.
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ↓
يمتن تعالى على بني إسرائيل, أن أرسل لهم كليمه موسى, وآتاه التوراة, ثم تابع بعده بالرسل الذين يحكمون بالتوراة, إلى أن ختم أنبياءهم بعيسى عليه السلام.
وآتاه من الآيات البينات, ما يؤمن على مثله البشر.
" وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ " أي: قواه الله بروح القدس.
قال أكثر المفسرين: إنه جبريل عليه السلام, وقيل: إنه الإيمان الذي يؤيد الله به عباده.
ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها, لما أتوكم " بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ " عن الإيمان بهم.
" فَفَرِيقًا " منهم " كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ " فقدمتم الهوى على الهدى, وآثرتم الدنيا على الآخرة.
وفيها من التوبيخ والتشديد, ما لا يخفى.
وآتاه من الآيات البينات, ما يؤمن على مثله البشر.
" وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ " أي: قواه الله بروح القدس.
قال أكثر المفسرين: إنه جبريل عليه السلام, وقيل: إنه الإيمان الذي يؤيد الله به عباده.
ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها, لما أتوكم " بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ " عن الإيمان بهم.
" فَفَرِيقًا " منهم " كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ " فقدمتم الهوى على الهدى, وآثرتم الدنيا على الآخرة.
وفيها من التوبيخ والتشديد, ما لا يخفى.
أي: اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه, يا أيها الرسول, بأن قلوبهم غلف, أي: عليها غلاف وأغطية, فلا تفقه ما تقول.
يعني, فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم, وهذا كذب منهم.
فلهذا قال تعالى: " بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ " أي: أنهم مطرودون ملعونون, بسبب كفرهم.
فقليلا, المؤمن منهم, أو قليلا, إيمانهم.
وكفرهم هو الكثير.
يعني, فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم, وهذا كذب منهم.
فلهذا قال تعالى: " بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ " أي: أنهم مطرودون ملعونون, بسبب كفرهم.
فقليلا, المؤمن منهم, أو قليلا, إيمانهم.
وكفرهم هو الكثير.
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ↓
أي: ولما جاءهم من عند الله على يد أفضل الخلق, وخاتم الأنبياء, الكتاب المشتمل على تصديق ما معهم من التوراة, وقد علموا به, وتيقنوه على أنهم إذا كان وقع بينهم وبين المشركين في الجاهلية حروب, استنصروا بهذا النبي, وتوعدوهم بخروجه, وأنهم يقاتلون المشركين معه.
فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرفوا, كفروا به, بغيا وحسدا, أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
فلعنهم الله, وغضب عليهم غضبا بعد غضب, لكثرة كفرهم, وتوالى شكهم وشركهم.
فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرفوا, كفروا به, بغيا وحسدا, أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
فلعنهم الله, وغضب عليهم غضبا بعد غضب, لكثرة كفرهم, وتوالى شكهم وشركهم.
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ↓
" وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ " أي: مؤلم موجع, وهو صلى الجحيم, وفوت النعيم المقيم.
فبئس الحال حالهم, وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الإيمان بالله وكتبه ورسله, الكفر به, وبكتبه, وبرسله, مع علمهم وتيقنهم, فيكون أعظم لعذابهم.
فبئس الحال حالهم, وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الإيمان بالله وكتبه ورسله, الكفر به, وبكتبه, وبرسله, مع علمهم وتيقنهم, فيكون أعظم لعذابهم.