إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ↓
وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات, غفر لهم جميع الذنوب والسيئات, وأدخلهم مدخلا كريما, كثير الخير, وهو الجنة, المشتملة على ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.
ويدخل في اجتناب الكبائر, فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة, كالصلوات الخمس, والجمعة وصوم رمضان, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهما, ما اجتنبت الكبائر " .
وأحسن ما حدت به الكبائر, أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا, أو وعيد في الآخرة, أو نفي إيمان, أو ترتيب لعنة, أو غضب عليه.
ويدخل في اجتناب الكبائر, فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة, كالصلوات الخمس, والجمعة وصوم رمضان, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة, ورمضان إلى رمضان, مكفرات لما بينهما, ما اجتنبت الكبائر " .
وأحسن ما حدت به الكبائر, أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا, أو وعيد في الآخرة, أو نفي إيمان, أو ترتيب لعنة, أو غضب عليه.
وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ↓
ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم, ما فضل الله به غيره, من الأمور الممكنة, وغير الممكنة.
فلا تتمنى النساء خصائص الرجال, التي بها فضلهم على النساء, ولا صاحب الفقر والنقص, حالة الغنى والكامل, تمنيا مجردا, لأن هذا, هو الحسد بعينه, تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك, ويسلب إياها.
ولأنه يقتضي السخط على قدر الله, والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة, التي لا يقترن بها عمل, ولا كسب.
وإنما المحمود أمران, أن يسعى العبد على حسب قدرته, بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية.
ويسأل الله تعالى من فضله.
فلا يتكل على نفسه, ولا على غير ربه.
ولهذا قال تعالى " لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا " أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب.
" وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ " فكل منهم لا يناله, غير ما كسبه, وتعب فيه.
" وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ " أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا.
فهذا كمال العبد, وعنوان سعادته, لا من يترك العمل, أو يتكل على نفسه, غير مفتقر لربه, أو يجمع بين الأمرين, فإن هذا مخذول خاسر.
وقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " فيعطي من يعلمه أهلا لذلك, ويمنع من يعلمه غير مستحق.
فلا تتمنى النساء خصائص الرجال, التي بها فضلهم على النساء, ولا صاحب الفقر والنقص, حالة الغنى والكامل, تمنيا مجردا, لأن هذا, هو الحسد بعينه, تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك, ويسلب إياها.
ولأنه يقتضي السخط على قدر الله, والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة, التي لا يقترن بها عمل, ولا كسب.
وإنما المحمود أمران, أن يسعى العبد على حسب قدرته, بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية.
ويسأل الله تعالى من فضله.
فلا يتكل على نفسه, ولا على غير ربه.
ولهذا قال تعالى " لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا " أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب.
" وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ " فكل منهم لا يناله, غير ما كسبه, وتعب فيه.
" وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ " أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا.
فهذا كمال العبد, وعنوان سعادته, لا من يترك العمل, أو يتكل على نفسه, غير مفتقر لربه, أو يجمع بين الأمرين, فإن هذا مخذول خاسر.
وقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " فيعطي من يعلمه أهلا لذلك, ويمنع من يعلمه غير مستحق.
وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ↓
أي: " وَلِكُلٍّ " من الناس " جَعَلْنَا مَوَالِيَ " أي يتولونه ويتولاهم, بالتعزز والنصرة, والمعاونة على الأمور.
" مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ " وهذا يشمل سائر الأقارب, من الأصول والفروع والحواشي.
هؤلاء الموالي من القرابة.
ثم ذكر نوعا آخر من الموالي فقال: " وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ " أي: حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة, والاشتراك بالأموال, وغير ذلك.
وكل هذا من نعم الله على عباده, حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردا.
قال تعالى " فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ " أي: آتوا الموالي نصيبهم, الذي يجب القيام به, من النصرة والمعاونة, والمساعدة, على غير معصية الله.
والميراث للأقارب الأدنين من الموالي.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا " أي: مطلعا على كل شيء, بعلمه لجميع الأمور, وبصره لحركات عباده, وسمعه لجميع أصواتهم.
" مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ " وهذا يشمل سائر الأقارب, من الأصول والفروع والحواشي.
هؤلاء الموالي من القرابة.
ثم ذكر نوعا آخر من الموالي فقال: " وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ " أي: حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة, والاشتراك بالأموال, وغير ذلك.
وكل هذا من نعم الله على عباده, حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردا.
قال تعالى " فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ " أي: آتوا الموالي نصيبهم, الذي يجب القيام به, من النصرة والمعاونة, والمساعدة, على غير معصية الله.
والميراث للأقارب الأدنين من الموالي.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا " أي: مطلعا على كل شيء, بعلمه لجميع الأمور, وبصره لحركات عباده, وسمعه لجميع أصواتهم.
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ↓
يخبر تعالى أن " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ " أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى, من المحافظة على فرائضه, وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم, أن يلزموهن بذلك, وقوامون عليهن أيضا, بالإنفاق عليهن, والكسوة, والمسكن.
ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: " بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " أي: بسبب فضل الرجال على النساء, وإفضالهم عليهم.
فتفضيل الرجال على النساء, من وجوه متعددة.
من كون الولايات مختصة بالرجال, والنبوة والرسالة, واختصاصهم بكثير من العبادات, كالجهاد, والأعياد, والجمع.
وبما خصهم الله به, من العقل, والرزانة, والصبر, والجلد, الذي ليس للنساء مثله.
وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات, بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال, ويتميزون عن النساء.
ولعل هذا, سر قوله " وَبِمَا أَنْفَقُوا " وحذف المفعول, ليدل على عموم النفقة.
فعلم من هذا كله, أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته, وهي عنده عانية أسيرة.
فوظيفته, أن يقوم بما استرعاه الله به.
ووظيفتها, القيام بطاعة ربها, وطاعة زوجها, فلهذا قال: " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ " أي: مطيعات لله تعالى " حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ " أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب, تحفظ بعلها بنفسها, وماله, وذلك بحفظ الله لهن, وتوفيقه لهن, لا من أنفسهن, فإن النفس أمارة بالسوء, ولكن من توكل على الله, كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.
ثم قال: " وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ " أي: ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن, بأن تعصيه بالقول أو الفعل, فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل.
" فَعِظُوهُنَّ " أي ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته, والترغيب في الطاعة, والترهيب من المعصية.
فإن انتهت, فذلك المطلوب, وإلا فهجرها الزوج في المضجع, بأن لا يضاجعها, ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود.
وإلا, ضربها ضربا غير مبرح.
فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور, وأطعنكم " فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا " أي: فقد حصل لكم ما تحبون, فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية, والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها, ويحدث بسببه, الشر.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا " أي: له العلو المطلق, بجميع الوجوه, والاعتبارات, علو الذات, وعلو القدر, وعلو القهر, الكبير الذي لا أكبر منه, ولا أجل, ولا أعظم, كبير الذات والصفات.
ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: " بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ " أي: بسبب فضل الرجال على النساء, وإفضالهم عليهم.
فتفضيل الرجال على النساء, من وجوه متعددة.
من كون الولايات مختصة بالرجال, والنبوة والرسالة, واختصاصهم بكثير من العبادات, كالجهاد, والأعياد, والجمع.
وبما خصهم الله به, من العقل, والرزانة, والصبر, والجلد, الذي ليس للنساء مثله.
وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات, بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال, ويتميزون عن النساء.
ولعل هذا, سر قوله " وَبِمَا أَنْفَقُوا " وحذف المفعول, ليدل على عموم النفقة.
فعلم من هذا كله, أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته, وهي عنده عانية أسيرة.
فوظيفته, أن يقوم بما استرعاه الله به.
ووظيفتها, القيام بطاعة ربها, وطاعة زوجها, فلهذا قال: " فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ " أي: مطيعات لله تعالى " حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ " أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب, تحفظ بعلها بنفسها, وماله, وذلك بحفظ الله لهن, وتوفيقه لهن, لا من أنفسهن, فإن النفس أمارة بالسوء, ولكن من توكل على الله, كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.
ثم قال: " وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ " أي: ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن, بأن تعصيه بالقول أو الفعل, فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل.
" فَعِظُوهُنَّ " أي ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته, والترغيب في الطاعة, والترهيب من المعصية.
فإن انتهت, فذلك المطلوب, وإلا فهجرها الزوج في المضجع, بأن لا يضاجعها, ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود.
وإلا, ضربها ضربا غير مبرح.
فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور, وأطعنكم " فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا " أي: فقد حصل لكم ما تحبون, فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية, والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها, ويحدث بسببه, الشر.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا " أي: له العلو المطلق, بجميع الوجوه, والاعتبارات, علو الذات, وعلو القدر, وعلو القهر, الكبير الذي لا أكبر منه, ولا أجل, ولا أعظم, كبير الذات والصفات.
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ↓
أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين, والمباعدة والمجانبة, حتى يكون كل منهما في شق.
" فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " أي: رجلين مكلفين, مسلمين عدلين, عاقلين, يعرفان ما بين الزوجين, ويعرفان الجمع والتفريق.
وهذا مستفاد من لفظ " الحكم " لأنه لا يصلح حكما, إلا من اتصف بتلك الصفات.
فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه, ثم يلزمان كلا منهما ما يجب.
فإن لم يستطع أحدهما ذلك, أقنعا الزوج الآخر بالرضا, بما تيسر من الرزق والخلق.
ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح, فلا يعدلا عنه.
فإن وصلت الحال, إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما, إلا على وجه المعاداة والمقاطعة, ومعصية الله, ورأيا أن التفريق بينهما أصلح, فرقا بينهما.
ولا يشترط رضا الزوج, كما يدل عليه, أن الله سماهما الحكمين.
والحكم يحكم, وإن لم يرض المحكوم عليه.
ولهذا قال: " إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا " أي: بسبب الرأي الميمون, والكلام الذي يجذب القلوب, ويؤلف بين القرينين.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا " أي: عالما بجميع الظواهر والبواطن, مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها.
فمن علمه وخبره, أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة, والشرائع الجميلة.
" فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " أي: رجلين مكلفين, مسلمين عدلين, عاقلين, يعرفان ما بين الزوجين, ويعرفان الجمع والتفريق.
وهذا مستفاد من لفظ " الحكم " لأنه لا يصلح حكما, إلا من اتصف بتلك الصفات.
فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه, ثم يلزمان كلا منهما ما يجب.
فإن لم يستطع أحدهما ذلك, أقنعا الزوج الآخر بالرضا, بما تيسر من الرزق والخلق.
ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح, فلا يعدلا عنه.
فإن وصلت الحال, إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما, إلا على وجه المعاداة والمقاطعة, ومعصية الله, ورأيا أن التفريق بينهما أصلح, فرقا بينهما.
ولا يشترط رضا الزوج, كما يدل عليه, أن الله سماهما الحكمين.
والحكم يحكم, وإن لم يرض المحكوم عليه.
ولهذا قال: " إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا " أي: بسبب الرأي الميمون, والكلام الذي يجذب القلوب, ويؤلف بين القرينين.
" إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا " أي: عالما بجميع الظواهر والبواطن, مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها.
فمن علمه وخبره, أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة, والشرائع الجميلة.
وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ↓
يأمر تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له, وهو الدخول تحت رق عبوديته, والانقياد لأوامره ونواهيه, محبة, وذلا, وإخلاصا له, في جميع العبادات الظاهرةالباطنة.
وينهى عن الشرك به شيئا, لا شركا أصغر, ولا أكبر, لا ملكا, ولا نبيا, ولا وليا ولا غيرهم من المخلوقين, الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا, ولا موتا ولا حياة, ولا نشورا.
بل الواجب المتعين, إخلاص العبادة, لمن له الكمال المطلق, من جميع الوجوه, وله التدبير الكامل, الذي لا يشركه, ولا يعينه عليه أحد.
ثم بعد ما أمر بعبادته والقيام بحقه, أمر بالقيام بحقوق العباد, الأقرب, فالأقرب.
فقال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا إليهم بالقول الكريم, والخطاب اللطيف, والفعل الجميل, بطاعة أمرهما, واجتناب نهيهما, والإنفاق عليهما, وإكرام من له تعلق بهما, وصلة الرحم, التي لا رحم لك إلا بهما.
وللإحسان ضدان, الإساءة, وعدم الإحسان.
وكلاهما منهي عنه.
" وَبِذِي الْقُرْبَى " أيضا إحسانا, ويشمل ذلك جميع الأقارب, قربوا, أو بعدوا, بأن يحسن إليهم, بالقول, والفعل, وأن لا يقطع رحمه, بقوله أو فعله.
" وَالْيَتَامَى " أي: الذين فقدوا آباءهم وهم صغار, فلهم حق على المسلمين, سواء كانوا أقارب أو غيرهم, بكفالتهم, وبرهم, وجبر خواطرهم, وتأديبهم, وتربيتهم أحسن تربية, في مصالح دينهم ودنياهم.
" وَالْمَسَاكِينِ " وهم الذين أسكنتهم الحاجة والفقر, فلم يحصلوا على كفايتهم, ولا كفاية من يمونون.
فأمر الله تعالى بالإحسان إليهم, بسد خلتهم, وبدفع فاقتهم, والحض على ذلك, والقيام بما يمكن منه.
" وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى " أي: الجار القريب, الذي له حقان, حق الجوار, وحق القرابة, فله على جاره حق, وإحسان, راجع إلى العرف.
وكذلك " وَالْجَارِ الْجُنُبِ " أي: الذي ليس له قرابة.
وكلما كان الجار أقرب بابا, كان آكد حقا.
فينبغي للجار, أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة, والدعوة, واللطافة بالأقوال والأفعال, وعدم أذيته, بقول أو فعل.
" وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ " قيل: الرفيق في السفر, وقيل: الزوجة, وقيل الصاحب مطلقا, ولعله أولى, فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر, ويشمل الزوجة.
فعلى الصاحب لصاحبه, حق زائد على مجرد إسلامه, من مساعدته على أمور دينه ودنياه, والنصح له, والوفاء معه, في اليسر والعسر, والمنشط والمكره, وأن يحب له, ما يحب لنفسه, ويكره له, ما يكره لنفسه, وكلما زادت الصحبة, تأكد الحق, وزاد.
" وَابْنَ السَّبِيلِ " : هو: الغريب الذي احتاج في بلد الغربة, أو لم يحتج, فله حق على المسلمين, لشدة حاجته, وكونه في غير وطنه, بتبليغه إلى مقصوده, أو بعض مقصوده, وبإكرامه, وتأنيسه.
" وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " أي: من الآدميين والبهائم, بالقيام بكفايتهم وعدم تحميلهم, ما يشق عليهم وإعانتهم على ما تحملوه, وتأديبهم لما فيه مصلحتهم.
فمن قام بهذه المأمورات, فهو الخاضع لربه, المتواضع لعباد الله, المنقاد لأمر الله وشرعه, الذي يستحق الثواب الجزيل, والثناء الجميل.
ومن لم يقم بذلك, فإنه عبد معرض عن ربه, غير منقاد لأوامره, ولا متواضع للخلق.
بل هو متكبر على عباد الله, معجب بنفسه, فخور بقوله, ولهذا قال: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا " أي: معجبا بنفسه, متكبرا على الخلق.
" فَخُورًا " يثني على نفسه ويمدحها, على وجه الفخر والبطر, على عباد الله.
فهؤلاء, ما بهم من الاختيال والفخر, يمنعهم من القيام بالحقوق.
وينهى عن الشرك به شيئا, لا شركا أصغر, ولا أكبر, لا ملكا, ولا نبيا, ولا وليا ولا غيرهم من المخلوقين, الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا, ولا موتا ولا حياة, ولا نشورا.
بل الواجب المتعين, إخلاص العبادة, لمن له الكمال المطلق, من جميع الوجوه, وله التدبير الكامل, الذي لا يشركه, ولا يعينه عليه أحد.
ثم بعد ما أمر بعبادته والقيام بحقه, أمر بالقيام بحقوق العباد, الأقرب, فالأقرب.
فقال: " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا " أي: أحسنوا إليهم بالقول الكريم, والخطاب اللطيف, والفعل الجميل, بطاعة أمرهما, واجتناب نهيهما, والإنفاق عليهما, وإكرام من له تعلق بهما, وصلة الرحم, التي لا رحم لك إلا بهما.
وللإحسان ضدان, الإساءة, وعدم الإحسان.
وكلاهما منهي عنه.
" وَبِذِي الْقُرْبَى " أيضا إحسانا, ويشمل ذلك جميع الأقارب, قربوا, أو بعدوا, بأن يحسن إليهم, بالقول, والفعل, وأن لا يقطع رحمه, بقوله أو فعله.
" وَالْيَتَامَى " أي: الذين فقدوا آباءهم وهم صغار, فلهم حق على المسلمين, سواء كانوا أقارب أو غيرهم, بكفالتهم, وبرهم, وجبر خواطرهم, وتأديبهم, وتربيتهم أحسن تربية, في مصالح دينهم ودنياهم.
" وَالْمَسَاكِينِ " وهم الذين أسكنتهم الحاجة والفقر, فلم يحصلوا على كفايتهم, ولا كفاية من يمونون.
فأمر الله تعالى بالإحسان إليهم, بسد خلتهم, وبدفع فاقتهم, والحض على ذلك, والقيام بما يمكن منه.
" وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى " أي: الجار القريب, الذي له حقان, حق الجوار, وحق القرابة, فله على جاره حق, وإحسان, راجع إلى العرف.
وكذلك " وَالْجَارِ الْجُنُبِ " أي: الذي ليس له قرابة.
وكلما كان الجار أقرب بابا, كان آكد حقا.
فينبغي للجار, أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة, والدعوة, واللطافة بالأقوال والأفعال, وعدم أذيته, بقول أو فعل.
" وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ " قيل: الرفيق في السفر, وقيل: الزوجة, وقيل الصاحب مطلقا, ولعله أولى, فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر, ويشمل الزوجة.
فعلى الصاحب لصاحبه, حق زائد على مجرد إسلامه, من مساعدته على أمور دينه ودنياه, والنصح له, والوفاء معه, في اليسر والعسر, والمنشط والمكره, وأن يحب له, ما يحب لنفسه, ويكره له, ما يكره لنفسه, وكلما زادت الصحبة, تأكد الحق, وزاد.
" وَابْنَ السَّبِيلِ " : هو: الغريب الذي احتاج في بلد الغربة, أو لم يحتج, فله حق على المسلمين, لشدة حاجته, وكونه في غير وطنه, بتبليغه إلى مقصوده, أو بعض مقصوده, وبإكرامه, وتأنيسه.
" وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " أي: من الآدميين والبهائم, بالقيام بكفايتهم وعدم تحميلهم, ما يشق عليهم وإعانتهم على ما تحملوه, وتأديبهم لما فيه مصلحتهم.
فمن قام بهذه المأمورات, فهو الخاضع لربه, المتواضع لعباد الله, المنقاد لأمر الله وشرعه, الذي يستحق الثواب الجزيل, والثناء الجميل.
ومن لم يقم بذلك, فإنه عبد معرض عن ربه, غير منقاد لأوامره, ولا متواضع للخلق.
بل هو متكبر على عباد الله, معجب بنفسه, فخور بقوله, ولهذا قال: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا " أي: معجبا بنفسه, متكبرا على الخلق.
" فَخُورًا " يثني على نفسه ويمدحها, على وجه الفخر والبطر, على عباد الله.
فهؤلاء, ما بهم من الاختيال والفخر, يمنعهم من القيام بالحقوق.
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ↓
ولهذا ذمهم بقوله " الَّذِينَ يَبْخَلُونَ " أي: يمنعون ما عليهم من الحقوق الواجبة.
" وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ " بأقوالهم وأفعالهم.
" وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " أي: من العلم الذي يهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون, فيكتمونه عنهم, ويظهرون لهم من الباطل, ما يحول بينهم وبين الحق.
فجمعوا بين البخل بالمال, والبخل بالعلم, وبين السعي في خسارة أنفسهم, وخسارة غيرهم, وهذه هي صفات الكافرين, فلهذا قال تعالى: " وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا " أي: كما تكبروا على عباد الله, ومنعوا حقوقه, وتسببوا في منع غيرهم, من البخل, وعدم الاهتداء, أهانهم بالعذاب الأليم, والخزي الدائم.
فعياذًا بك اللهم من كل سوء.
" وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ " بأقوالهم وأفعالهم.
" وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " أي: من العلم الذي يهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون, فيكتمونه عنهم, ويظهرون لهم من الباطل, ما يحول بينهم وبين الحق.
فجمعوا بين البخل بالمال, والبخل بالعلم, وبين السعي في خسارة أنفسهم, وخسارة غيرهم, وهذه هي صفات الكافرين, فلهذا قال تعالى: " وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا " أي: كما تكبروا على عباد الله, ومنعوا حقوقه, وتسببوا في منع غيرهم, من البخل, وعدم الاهتداء, أهانهم بالعذاب الأليم, والخزي الدائم.
فعياذًا بك اللهم من كل سوء.
وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قَرِينًا ↓
ثم أخبر عن النفقة الصادرة, عن رياء وسمعة, وعدم إيمان به, فقال: " وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ " أي: ليروهم, ويمدحوهم, ويعظموهم.
" وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ " أي: ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله, ورجاء ثوابه.
أي: فهذا من خطوات الشيطان وأعماله, التي يدعو حزبه إليها, ليكونوا من أصحاب السعير.
وصدرت منهم بسبب مقارنته لهم وأزهم إليها, فلهذا قال: " وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا " أي: بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه, ويسعى فيه أشد السعي.
فكما أن من بخل بما آتاه الله, وكتم ما مَنَّ به الله عليه, عاص آثم, مخالف لربه.
فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله, فإنه آثم عاص لربه, مستوجب للعقوبة.
لأن الله إنما أمر بطاعته, وامتثال أمره, على وجه الإخلاص, كما قال تعالى: " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " فهذا هو العمل المقبول الذي يستحق صاحبه المدح والثواب, فلهذا حث تعالى عليه بقوله: " وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الآية.
" وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ " أي: ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله, ورجاء ثوابه.
أي: فهذا من خطوات الشيطان وأعماله, التي يدعو حزبه إليها, ليكونوا من أصحاب السعير.
وصدرت منهم بسبب مقارنته لهم وأزهم إليها, فلهذا قال: " وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا " أي: بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه, ويسعى فيه أشد السعي.
فكما أن من بخل بما آتاه الله, وكتم ما مَنَّ به الله عليه, عاص آثم, مخالف لربه.
فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله, فإنه آثم عاص لربه, مستوجب للعقوبة.
لأن الله إنما أمر بطاعته, وامتثال أمره, على وجه الإخلاص, كما قال تعالى: " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " فهذا هو العمل المقبول الذي يستحق صاحبه المدح والثواب, فلهذا حث تعالى عليه بقوله: " وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الآية.
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا ↓
أي: أي شيء عليهم, وأي حرج ومشقة, تلحقهم, لو حصل منهم, الإيمان بالله, الذي هو الإخلاص, وأنفقوا من أموالهم, التي رزقهم الله, وأنعم بها عليهم, فجمعوا بين الإخلاص والإنفاق.
ولما كان الإخلاص, سرا بين العبد وربه, لا يطلع عليه إلا الله, أخبر تعالى بعلمه بجميع الأحوال فقال " وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا " .
ولما كان الإخلاص, سرا بين العبد وربه, لا يطلع عليه إلا الله, أخبر تعالى بعلمه بجميع الأحوال فقال " وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا " .
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ↓
يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله, وتنزهه عما يضاد ذلك, من الظلم القليل, والكثير فقال: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ " أي: ينقصها من حسنات عبده, أو يزيدها في سيئاته.
كما قال تعالى " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " .
" وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا " أي: إلى عشرة أمثالها: أي أكثر من ذلك, بحسب حالها ونفعها, وحال صاحبها, إخلاصا, ومحبة: وكمالا.
" وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا " أي: زيادة على ثواب العمل بنفسه, من التوفيق لأعمال أخر, وإعطاء البر الكثير, والخير الغزير.
كما قال تعالى " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " .
" وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا " أي: إلى عشرة أمثالها: أي أكثر من ذلك, بحسب حالها ونفعها, وحال صاحبها, إخلاصا, ومحبة: وكمالا.
" وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا " أي: زيادة على ثواب العمل بنفسه, من التوفيق لأعمال أخر, وإعطاء البر الكثير, والخير الغزير.
ثم قال تعالى: " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا " .
أي: كيف تكون تلك الأحوال, وكيف يكون ذلك الحكم العظيم, الذي جمع أن من حكم به, كامل العلم, كامل العدل, كامل الحكمة, بشهادة أزكى الخلق, وهم الرسل, على أممهم, مع إقرار المحكوم عليه؟!! فهذا - والله - الحكم, الذي هو أعم الأحكام, وأعدلها, وأعظمها.
وهناك يبقى المحكوم عليهم مقرين له, لكمال الفضل والعدل, والحمد والثناء.
وهناك يسعد أقوام, بالفوز والفلاح, والعز والنجاح.
ويشقى أقوام, بالخزي والفضيحة, والعذاب المبين, ولهذا قال:
أي: كيف تكون تلك الأحوال, وكيف يكون ذلك الحكم العظيم, الذي جمع أن من حكم به, كامل العلم, كامل العدل, كامل الحكمة, بشهادة أزكى الخلق, وهم الرسل, على أممهم, مع إقرار المحكوم عليه؟!! فهذا - والله - الحكم, الذي هو أعم الأحكام, وأعدلها, وأعظمها.
وهناك يبقى المحكوم عليهم مقرين له, لكمال الفضل والعدل, والحمد والثناء.
وهناك يسعد أقوام, بالفوز والفلاح, والعز والنجاح.
ويشقى أقوام, بالخزي والفضيحة, والعذاب المبين, ولهذا قال:
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ↓
" يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ " أي: جمعوا بين الكفر بالله ورسوله, ومعصية الرسول " لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ " أي: تبتلعهم, ويكونون ترابا وعدما, كما قال تعالى " وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا " .
" وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا " أي: بل يعترفون له بما عملوا, وتشهد عليهم ألسنتهم, وأيديهم, وأرجلهم, بما كانوا يعملون.
يومئذ يوفيهم الله دينهم: جزاءهم الحق, ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
فأما ما ورد, من أن الكفار يكتمون كفرهم وجحودهم, فإن ذلك يكون في بعض مواضع القيامة, حين يظنون أن جحودهم ينفعهم من عذاب الله.
فإذا عرفوا الحقائق, وشهدت عليهم جوارحهم, حينئذ ينجلي الأمر, ولا يبقى للكتمان موضع, ولا نفع, ولا فائدة.
" وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا " أي: بل يعترفون له بما عملوا, وتشهد عليهم ألسنتهم, وأيديهم, وأرجلهم, بما كانوا يعملون.
يومئذ يوفيهم الله دينهم: جزاءهم الحق, ويعلمون أن الله هو الحق المبين.
فأما ما ورد, من أن الكفار يكتمون كفرهم وجحودهم, فإن ذلك يكون في بعض مواضع القيامة, حين يظنون أن جحودهم ينفعهم من عذاب الله.
فإذا عرفوا الحقائق, وشهدت عليهم جوارحهم, حينئذ ينجلي الأمر, ولا يبقى للكتمان موضع, ولا نفع, ولا فائدة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ↓
ينهى تعالى عباده المؤمنين, أن يقربوا الصلاة, وهم سكارى, حتى يعلموا ما يقولون.
وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة, كالمسجد, فإنه لا يمكن السكران من دخوله.
وشامل لنفس الصلاة, فإنه, لا يجوز للسكران, صلاة, ولا عبادة, لاختلاط عقله, وعدم علمه بما يقول.
ولهذا حدد تعالى ذلك وغياه إلى وجود العلم, بما يقول السكران.
وهذه الآية الكريمة, منسوخة بتحريم الخمر مطلقا.
فإن الخمر - في أول الأمر - كان غير محرم.
ثم إن الله تعالى عرض لعباده بتحريمه, بقوله " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا " .
ثم إنه تعالى, نهاهم عن الخمر, عند حضور الصلاة كما في هذه الآية.
ثم إنه تعالى, حرمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ " الآية.
ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة, لتضمنه هذه المفسدة العظيمة.
بعد حصول مقصود الصلاة, الذي هو روحها ولبها, وهو الخشوع وحضور القلب, فإن الخمر يسكر القلب, ويصد عن ذكر الله, وعن الصلاة.
ويؤخذ من المعنى, منع الدخول في الصلاة, في حال النعاس المفرط, الذي لا يشعر صاحبه, بما يقول ويفعل.
بل لعل فيه إشارة, إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة, أن يقطع عنه كل شاغل, يشغل فكره, كمدافعة الأخبثين, والتوق لطعام ونحوه, كما ورد في ذلك الحديث الصحيح.
ثم قال " وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ " أي: لا تقربوا الصلاة, حالة كون أحدكم جنبا إلا في هذه الحال, وهو عابر السبيل أي: تمرون في المسجد, ولا تمكثون فيه.
" حَتَّى تَغْتَسِلُوا " أي: فإذا اغتسلتم, فهو غاية المنع, من قربان الصلاة للجنب.
فيحل للجنب, المرور في المسجد فقط.
" وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا " .
فأباح التيمم للمريض مطلقا, مع وجود الماء وعدمه والعلة, هي: المرض, الذي يشق معه استعمال الماء, وكذلك السفر, فإنه مظنة فقد الماء.
فإدا فقده المسافر, ووجد ما يتعلق بحاجته, من شرب ونحوه, جاز له التيمم.
وكذلك إذا أحدث الإنسان, ببول أو غائط, أو ملامسة النساء, فإنه يباح له التيمم, إذا لم يجد الماء, حضرا وسفرا, كما يدل على ذلك عموم الآية.
والحاصل: أن الله تعالى أباح التيمم في حالتين: حال عدم الماء, وهذا مطلقا في الحضر والسفر.
وحال المشقة باستعماله, بمرض ونحوه.
واختلف المفسرون في معنى قوله " أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ " هل المراد بذلك: الجماع, فتكون الآية نصا في جواز التيمم للجنب, كما تكاثرت بذلك الأحاديث الصحيحة؟ أو المراد بذلك: مجرد اللمس باليد, ويقيد ذلك بما إذا كان مظنة خروج المذي, وهو المس الذي يكون لشهوة, فتكون الآية دالة على نقض الوضوء بذلك؟.
واستدل الفقهاء بقوله " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً " .
بوجوب طلب الماء عند دخول الوقت.
قالوا: لأنه لا يقال: " لم يجد " لمن لم يطلب, بل لا يكون ذلك إلا بعد الطلب.
واستدل بذلك أيضا, على أن الماء المتغير بشيء من الطاهرات, يجوز, بل يتعين, التطهر به لدخوله في قوله " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً " وهذا ماء.
ونوزع في ذلك, أنه ماء غير مطلق, وفي ذلك نظر.
وفي هذه الآية الكريمة مشروعية هذا الحكم العظيم, الذي امتن به الله على هذه الأمة, وهو مشروعية التيمم, وقد أجمع على ذلك العلماء, ولله الحمد.
وأن التيمم يكون بالصعيد الطيب, وهو كل ما تصاعد على وجه الأرض, سواء كان له غبار أم لا.
ويحتمل أن يختص ذلك, بذي الغبار, لأن الله قال في آية الوضوء من سورة المائدة الآية 6 " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ " .
وما لا غبار له, لا يمسح به.
وقوله " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " أي: منه.
كما في آية " المائدة " هذا محل المسح في التيمم: الوجه جميعه, واليدان إلى الكوعين, كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة, ويستحب أن يكون ذلك بضربة واحدة, كما دل على ذلك حديث عمار, وفيه أن تيمم الجنب, كتيمم غيره, بالوجه واليدين.
فائدة اعلم أن قواعد الطب, تدور على ثلاث قواعد: حفظ الصحة عن المؤذيات, والاستفراغ منها, والحمية عنها.
وقد نبه تعالى, عليها في كتابه العزيز.
أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي, فقد أمر بالأكل والشرب, وعدم الإسراف في ذلك.
وأباح للمسافر والمريض الفطر, حفظا لصتحهما, باستعمال ما يصلح البدن, على وجه العدل, وحماية للمريض عما يضره.
وأما استفراغ المؤذي, فقد أباح تعالى للمريض المتأذي برأسه, أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه.
ففيه تنبيه على استفراغ, ما هو أولى منها, من البول, والغائط, والقيء, والمني, والدم, وغير ذلك.
نبه على ذلك ابن القيم, رحمه الله تعالى.
وفي الآية وجوب تعميم مسح الوجه واليدين, وأنه يجوز التيمم, ولو لم يضق الوقت, وأنه لا يخاطب بطلب الماء, إلا بعد وجود سبب الوجوب والله أعلم.
ثم ختم الآية بقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " .
أي: كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين, بتيسير ما أمرهم به, وتسهيله غاية التسهيل, بحيث لا يشق على العبد امتثاله, فيحرج بذلك.
ومن عفوه ومغفرته, أن رحم هذه الأمة, بشرع الطهارة بالتراب, بدل الماء, عند تعذر استعماله.
ومن عفوه ومغفرته, أن فتح للمذنبين باب التوبة والإنابة, ودعاهم إليه, ووعدهم بمغفرة ذنوبهم.
ومن عفوه ومغفرته, أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا, ثم لقيه لا يشرك به شيئا, لأتاه بقرابها مغفرة.
وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة, كالمسجد, فإنه لا يمكن السكران من دخوله.
وشامل لنفس الصلاة, فإنه, لا يجوز للسكران, صلاة, ولا عبادة, لاختلاط عقله, وعدم علمه بما يقول.
ولهذا حدد تعالى ذلك وغياه إلى وجود العلم, بما يقول السكران.
وهذه الآية الكريمة, منسوخة بتحريم الخمر مطلقا.
فإن الخمر - في أول الأمر - كان غير محرم.
ثم إن الله تعالى عرض لعباده بتحريمه, بقوله " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا " .
ثم إنه تعالى, نهاهم عن الخمر, عند حضور الصلاة كما في هذه الآية.
ثم إنه تعالى, حرمه على الإطلاق في جميع الأوقات في قوله: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ " الآية.
ومع هذا فإنه يشتد تحريمه وقت حضور الصلاة, لتضمنه هذه المفسدة العظيمة.
بعد حصول مقصود الصلاة, الذي هو روحها ولبها, وهو الخشوع وحضور القلب, فإن الخمر يسكر القلب, ويصد عن ذكر الله, وعن الصلاة.
ويؤخذ من المعنى, منع الدخول في الصلاة, في حال النعاس المفرط, الذي لا يشعر صاحبه, بما يقول ويفعل.
بل لعل فيه إشارة, إلى أنه ينبغي لمن أراد الصلاة, أن يقطع عنه كل شاغل, يشغل فكره, كمدافعة الأخبثين, والتوق لطعام ونحوه, كما ورد في ذلك الحديث الصحيح.
ثم قال " وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ " أي: لا تقربوا الصلاة, حالة كون أحدكم جنبا إلا في هذه الحال, وهو عابر السبيل أي: تمرون في المسجد, ولا تمكثون فيه.
" حَتَّى تَغْتَسِلُوا " أي: فإذا اغتسلتم, فهو غاية المنع, من قربان الصلاة للجنب.
فيحل للجنب, المرور في المسجد فقط.
" وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا " .
فأباح التيمم للمريض مطلقا, مع وجود الماء وعدمه والعلة, هي: المرض, الذي يشق معه استعمال الماء, وكذلك السفر, فإنه مظنة فقد الماء.
فإدا فقده المسافر, ووجد ما يتعلق بحاجته, من شرب ونحوه, جاز له التيمم.
وكذلك إذا أحدث الإنسان, ببول أو غائط, أو ملامسة النساء, فإنه يباح له التيمم, إذا لم يجد الماء, حضرا وسفرا, كما يدل على ذلك عموم الآية.
والحاصل: أن الله تعالى أباح التيمم في حالتين: حال عدم الماء, وهذا مطلقا في الحضر والسفر.
وحال المشقة باستعماله, بمرض ونحوه.
واختلف المفسرون في معنى قوله " أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ " هل المراد بذلك: الجماع, فتكون الآية نصا في جواز التيمم للجنب, كما تكاثرت بذلك الأحاديث الصحيحة؟ أو المراد بذلك: مجرد اللمس باليد, ويقيد ذلك بما إذا كان مظنة خروج المذي, وهو المس الذي يكون لشهوة, فتكون الآية دالة على نقض الوضوء بذلك؟.
واستدل الفقهاء بقوله " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً " .
بوجوب طلب الماء عند دخول الوقت.
قالوا: لأنه لا يقال: " لم يجد " لمن لم يطلب, بل لا يكون ذلك إلا بعد الطلب.
واستدل بذلك أيضا, على أن الماء المتغير بشيء من الطاهرات, يجوز, بل يتعين, التطهر به لدخوله في قوله " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً " وهذا ماء.
ونوزع في ذلك, أنه ماء غير مطلق, وفي ذلك نظر.
وفي هذه الآية الكريمة مشروعية هذا الحكم العظيم, الذي امتن به الله على هذه الأمة, وهو مشروعية التيمم, وقد أجمع على ذلك العلماء, ولله الحمد.
وأن التيمم يكون بالصعيد الطيب, وهو كل ما تصاعد على وجه الأرض, سواء كان له غبار أم لا.
ويحتمل أن يختص ذلك, بذي الغبار, لأن الله قال في آية الوضوء من سورة المائدة الآية 6 " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ " .
وما لا غبار له, لا يمسح به.
وقوله " فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ " أي: منه.
كما في آية " المائدة " هذا محل المسح في التيمم: الوجه جميعه, واليدان إلى الكوعين, كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة, ويستحب أن يكون ذلك بضربة واحدة, كما دل على ذلك حديث عمار, وفيه أن تيمم الجنب, كتيمم غيره, بالوجه واليدين.
فائدة اعلم أن قواعد الطب, تدور على ثلاث قواعد: حفظ الصحة عن المؤذيات, والاستفراغ منها, والحمية عنها.
وقد نبه تعالى, عليها في كتابه العزيز.
أما حفظ الصحة والحمية عن المؤذي, فقد أمر بالأكل والشرب, وعدم الإسراف في ذلك.
وأباح للمسافر والمريض الفطر, حفظا لصتحهما, باستعمال ما يصلح البدن, على وجه العدل, وحماية للمريض عما يضره.
وأما استفراغ المؤذي, فقد أباح تعالى للمريض المتأذي برأسه, أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه.
ففيه تنبيه على استفراغ, ما هو أولى منها, من البول, والغائط, والقيء, والمني, والدم, وغير ذلك.
نبه على ذلك ابن القيم, رحمه الله تعالى.
وفي الآية وجوب تعميم مسح الوجه واليدين, وأنه يجوز التيمم, ولو لم يضق الوقت, وأنه لا يخاطب بطلب الماء, إلا بعد وجود سبب الوجوب والله أعلم.
ثم ختم الآية بقوله " إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " .
أي: كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين, بتيسير ما أمرهم به, وتسهيله غاية التسهيل, بحيث لا يشق على العبد امتثاله, فيحرج بذلك.
ومن عفوه ومغفرته, أن رحم هذه الأمة, بشرع الطهارة بالتراب, بدل الماء, عند تعذر استعماله.
ومن عفوه ومغفرته, أن فتح للمذنبين باب التوبة والإنابة, ودعاهم إليه, ووعدهم بمغفرة ذنوبهم.
ومن عفوه ومغفرته, أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا, ثم لقيه لا يشرك به شيئا, لأتاه بقرابها مغفرة.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ ↓
هذا ذم لمن " أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ " وفي ضمنه, تحذير عباده عن الاغترار بهم, والوقوع في أشراكهم.
فأخبر أنهم, في أنفسهم " يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ " أي: يحبونها محبة عظيمة, ويؤثرونها إيثار من يبذل المال الكثير, في طلب ما يحبه.
فيؤثرون الضلال على الهدى, والكفر على الإيمان, والشقاء على السعادة.
ومع هذا يريدون " أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ " .
فهم حريصون على إضلالكم, غاية الحرص, باذلون جهدهم في ذلك.
فأخبر أنهم, في أنفسهم " يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ " أي: يحبونها محبة عظيمة, ويؤثرونها إيثار من يبذل المال الكثير, في طلب ما يحبه.
فيؤثرون الضلال على الهدى, والكفر على الإيمان, والشقاء على السعادة.
ومع هذا يريدون " أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ " .
فهم حريصون على إضلالكم, غاية الحرص, باذلون جهدهم في ذلك.
ولكن لما كان الله ولي عباده المؤمنين, وناصرهم, بين لهم ما اشتملوا عليه من الضلال والإضلال ولهذا قال: " وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا " أي: يتولى أحوال عباده, ويلطف بهم, في جميع أمورهم, وييسر لهم ما به سعادتهم وفلاحهم.
" وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا " ينصرهم على أعدائهم, ويبين لهم ما يحذرون منهم ويعينهم عليهم.
فولايته تعالى, فيها حصول الخير, ونصره, فيه زوال الشر.
" وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا " ينصرهم على أعدائهم, ويبين لهم ما يحذرون منهم ويعينهم عليهم.
فولايته تعالى, فيها حصول الخير, ونصره, فيه زوال الشر.
مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ↓
ثم بين كيفية ضلالهم وعنادهم, وإيثارهم الباطل على الحق فقال: " مِنَ الَّذِينَ هَادُوا " أي: اليهود, وهم علماء الضلال منهم.
" يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ " إما بتغيير اللفظ أو المعنى, أو هما جميعا.
فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم, التي لا تنطبق ولا تصدق, إلا على محمد صلى الله عليه وسلم, على أنه غير مراد بها, ولا مقصود بها, بل أريد بها, غيره, وكتمانهم ذلك.
فهذا حالهم في العلم, شر حال, قلبوا فيه الحقائق, ونزلوا الحق على الباطل, وجحدوا لذلك الحق.
وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم يقولون " سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " أي: سمعنا قولك, وعصينا أمرك.
وهذا غاية الكفر والعناد, والشرود عن الانقياد.
وكذلك يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب, فيقولون: " وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ " قصدهم: اسمع منا غير مسمع ما تحب, بل مسمع ما تكره.
" وَرَاعِنَا " قصدهم بذلك الرعونة, بالعيب القبيح.
ويظنون أن اللفظ - لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور - أنه يروج على الله وعلى رسوله, فتوصلوا بذلك اللفظ الذي يلوون به ألسنتهم, إلى الطعن في الدين, والعيب للرسول, ويصرحون بذلك فيما بينهم, فلهذا قال: " لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ " .
ثم أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال: " وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ " .
وذلك لما تضمنه هذا الكلام, من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول, والدخول تحت طاعة الله, والانقياد لأمره, وحسن التلطف في طلبهم العلم, بسماع سؤالهم, والاعتناء بأمرهم.
فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه.
ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية, أعرضوا عن ذلك, وطردهم الله, بكفرهم وعنادهم.
ولهذا قال: " وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا " .
" يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ " إما بتغيير اللفظ أو المعنى, أو هما جميعا.
فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم, التي لا تنطبق ولا تصدق, إلا على محمد صلى الله عليه وسلم, على أنه غير مراد بها, ولا مقصود بها, بل أريد بها, غيره, وكتمانهم ذلك.
فهذا حالهم في العلم, شر حال, قلبوا فيه الحقائق, ونزلوا الحق على الباطل, وجحدوا لذلك الحق.
وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم يقولون " سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا " أي: سمعنا قولك, وعصينا أمرك.
وهذا غاية الكفر والعناد, والشرود عن الانقياد.
وكذلك يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب, فيقولون: " وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ " قصدهم: اسمع منا غير مسمع ما تحب, بل مسمع ما تكره.
" وَرَاعِنَا " قصدهم بذلك الرعونة, بالعيب القبيح.
ويظنون أن اللفظ - لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور - أنه يروج على الله وعلى رسوله, فتوصلوا بذلك اللفظ الذي يلوون به ألسنتهم, إلى الطعن في الدين, والعيب للرسول, ويصرحون بذلك فيما بينهم, فلهذا قال: " لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ " .
ثم أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال: " وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ " .
وذلك لما تضمنه هذا الكلام, من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول, والدخول تحت طاعة الله, والانقياد لأمره, وحسن التلطف في طلبهم العلم, بسماع سؤالهم, والاعتناء بأمرهم.
فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه.
ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية, أعرضوا عن ذلك, وطردهم الله, بكفرهم وعنادهم.
ولهذا قال: " وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا " .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ↓
يأمر تعالى أهل الكتاب, من اليهود والنصارى, أن يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم, وما أنزل الله عليه من القرآن العظيم, المهيمن على غيره, من الكتب السابقة التي صدقها, فإنها أخبرت به.
فلما وقع المخبر به, كان تصديقا لذلك الخبر.
وأيضا, فإنهم - إن لم يؤمنوا بهذا القرآن, فإنهم لم يؤمنوا بما في أيديهم من الكتب, لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا, ويوافق بعضها بعضا.
فدعوى الإيمان ببعضها, دون بعض, دعوى باطلة, لا يمكن صدقها.
وفي قوله " آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ " حث لهم, وأنهم ينبغي أن يكونوا قبل غيرهم, مبادرين إليه بسبب ما أنعم الله عليهم به, من العلم, والكتاب الذي يوجب أن يكون ما عليهم, أعظم من غيرهم, ولهذا توعدهم على عدم الإيمان فقال: " مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا " وهذا جزاء من جنس ما عملوا.
فكما تركوا الحق, وآثروا الباطل, وقلبوا الحقائق, فجعلوا الباطل حقا, والحق باطلا جوزوا من جنس ذلك, بطمس وجوههم, كما طمسوا الحق, وردها على أدبارها, بأن تجعل في أقفائهم, وهذا أشنع ما يكون.
" أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ " بأن يطردهم من رحمته, ويعاقبهم بجعلهم قردة, كما فعل بإخوانهم الذين اعتدوا في السبت.
" فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " .
" وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا " كقوله " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " .
فلما وقع المخبر به, كان تصديقا لذلك الخبر.
وأيضا, فإنهم - إن لم يؤمنوا بهذا القرآن, فإنهم لم يؤمنوا بما في أيديهم من الكتب, لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا, ويوافق بعضها بعضا.
فدعوى الإيمان ببعضها, دون بعض, دعوى باطلة, لا يمكن صدقها.
وفي قوله " آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ " حث لهم, وأنهم ينبغي أن يكونوا قبل غيرهم, مبادرين إليه بسبب ما أنعم الله عليهم به, من العلم, والكتاب الذي يوجب أن يكون ما عليهم, أعظم من غيرهم, ولهذا توعدهم على عدم الإيمان فقال: " مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا " وهذا جزاء من جنس ما عملوا.
فكما تركوا الحق, وآثروا الباطل, وقلبوا الحقائق, فجعلوا الباطل حقا, والحق باطلا جوزوا من جنس ذلك, بطمس وجوههم, كما طمسوا الحق, وردها على أدبارها, بأن تجعل في أقفائهم, وهذا أشنع ما يكون.
" أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ " بأن يطردهم من رحمته, ويعاقبهم بجعلهم قردة, كما فعل بإخوانهم الذين اعتدوا في السبت.
" فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ " .
" وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا " كقوله " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " .
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ↓
يخبر تعالى: أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدا من المخلوقين, ويغفر ما دون ذلك, من الذنوب, صغائرها, وكبائرها, وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك, إذا اقتضت حكمته مغفرته.
فالذنوب التي دون الشرك, قد جعل الله لمغفرتها, أسبابا كثيرة كالحسنات الماحية, والمصائب المكفرة في الدنيا, والبرزخ, ويوم القيامة, وكدعاء المؤمنين,, بعضهم لبعض, وبشفاعة الشافعين.
ومن دون ذلك كله, رحمته, التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد.
وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك, قد سد على نفسه أبواب المغفرة, وأغلق دونه أبواب الرحمة, فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد, ولا تفيده المصائب شيئا.
" فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ " .
ولهذا قال تعالى " وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " أي: افترى جرما كبيرا.
وأي ظلم, أعظم, ممن سوى المخلوق - من تراب, الناقص من جميع الوجوه, الفقير بذاته من كل وجه.
الذي لا يملك لنفسه - فضلا عمن عبده - نفعا ولا ضرا, ولا موتا ولا حياة ولا نشورا - بالخالق لكل شيء الكامل من جميع الوجوه, الغني بذاته, عن جميع مخلوقاته, الذي بيده النفع والضر, والعطاء والمنع, الذي ما من نعمة بالمخلوقين, إلا منه تعالى.
فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ ولهذا حتم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب.
وأما التائب, فإنه يغفر له الشرك فما دونه, كما قال تعالى " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " أي: لمن تاب إليه, وأناب.
فالذنوب التي دون الشرك, قد جعل الله لمغفرتها, أسبابا كثيرة كالحسنات الماحية, والمصائب المكفرة في الدنيا, والبرزخ, ويوم القيامة, وكدعاء المؤمنين,, بعضهم لبعض, وبشفاعة الشافعين.
ومن دون ذلك كله, رحمته, التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد.
وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك, قد سد على نفسه أبواب المغفرة, وأغلق دونه أبواب الرحمة, فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد, ولا تفيده المصائب شيئا.
" فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ " .
ولهذا قال تعالى " وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا " أي: افترى جرما كبيرا.
وأي ظلم, أعظم, ممن سوى المخلوق - من تراب, الناقص من جميع الوجوه, الفقير بذاته من كل وجه.
الذي لا يملك لنفسه - فضلا عمن عبده - نفعا ولا ضرا, ولا موتا ولا حياة ولا نشورا - بالخالق لكل شيء الكامل من جميع الوجوه, الغني بذاته, عن جميع مخلوقاته, الذي بيده النفع والضر, والعطاء والمنع, الذي ما من نعمة بالمخلوقين, إلا منه تعالى.
فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟ ولهذا حتم على صاحبه بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ " .
وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب.
وأما التائب, فإنه يغفر له الشرك فما دونه, كما قال تعالى " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " أي: لمن تاب إليه, وأناب.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ↓
هذا تعجب من الله لعباده, وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم, من اليهود والنصارى, ومن نحا نحوهم, من كل من زكى نفسه, بأمر ليس فيه.
وذلك أن اليهود والنصارى يقولون: " نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ " .
ويقولون: " لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى " وهذا مجرد دعوى, لا برهان عليها.
وإنما البرهان, ما أخبر به في القرآن في قوله: " بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .
فهؤلاء هم الذين زكاهم الله, ولهذا قال هنا: " بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ " أي: بالإيمان والعمل الصالح, بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة, والتحلي بالصفات الجميلة.
وأما هؤلاء, فهم - وإن زكوا أنفسهم بزعمهم, أنهم على شيء, وأن الثواب لهم وحدهم - فإنهم كذبة في ذلك, ليس لهم من خصال الزاكين نصيب, بسبب ظلمهم وكفرهم, لا بظلم من الله لهم, ولهذا قال: " وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا " .
وهذا لتحقيق العموم, أي: لا يظلمون شيئا, ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة, أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها.
وذلك أن اليهود والنصارى يقولون: " نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ " .
ويقولون: " لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى " وهذا مجرد دعوى, لا برهان عليها.
وإنما البرهان, ما أخبر به في القرآن في قوله: " بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " .
فهؤلاء هم الذين زكاهم الله, ولهذا قال هنا: " بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ " أي: بالإيمان والعمل الصالح, بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة, والتحلي بالصفات الجميلة.
وأما هؤلاء, فهم - وإن زكوا أنفسهم بزعمهم, أنهم على شيء, وأن الثواب لهم وحدهم - فإنهم كذبة في ذلك, ليس لهم من خصال الزاكين نصيب, بسبب ظلمهم وكفرهم, لا بظلم من الله لهم, ولهذا قال: " وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا " .
وهذا لتحقيق العموم, أي: لا يظلمون شيئا, ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة, أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها.
قال تعالى: " انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ " أي: بتزكيتهم أنفسهم, لأن هذا من أعظم الافتراء على الله.
لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم, الإخبار بأن الله, جعل ما هم عليه حقا, وما عليه المؤمنون المسلمون, باطلا.
وهذا أعظم الكذب, وقلب الحقائق, بجعل الحق باطلا, والباطل حقا.
ولهذا قال: " وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا " أي: ظاهرا بينا, موجبا للعقوبة البليغة, والعذاب الأليم.
لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم, الإخبار بأن الله, جعل ما هم عليه حقا, وما عليه المؤمنون المسلمون, باطلا.
وهذا أعظم الكذب, وقلب الحقائق, بجعل الحق باطلا, والباطل حقا.
ولهذا قال: " وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا " أي: ظاهرا بينا, موجبا للعقوبة البليغة, والعذاب الأليم.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ↓
وهذا من قبائح اليهود, وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين, أن أخلاقهم الرذيلة, وطبعهم الخبيث, حملهم على ترك الإيمان بالله ورسوله والتعوض عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت, وهو الإيمان بكل عبادة لغير الله, أو حكم بغير شرع الله.
فدخل في ذلك, السحر والكهانة, وعباده غير الله, وطاعة الشيطان.
كل هذا من الجبت والطاغوت.
وكذلك حملهم الكفر والحسد, على أن فضلوا طريقة الكافرين بالله, عبدة الأصنام, على طريق المؤمنين فقال: " وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا " أي لأجلهم, تملقا لهم ومداهنة, وبغضا للإيمان: " هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " أي: طريقا.
فما أسمجهم, وأشد عنادهم, وأقل عقولهم!!.
وكيف سلكوا هذا المسلك الوخيم, والوادي الذميم؟!! هل ظنوا أن هذا, يروج على أحد من العقلاء, أو يدخل عقل أحد من الجهلاء.
فهل يفضل دين, قام على عبادة الأصنام والأوثان, واستقام على تحريم الطيبات, وإباحة الخبائث, وإحلال كثير من المحرمات, وإقامة الظلم بين الخلق, وتسوية الخالق بالمخلوقين, والكفر بالله, ورسله, وكتبه, على دين قام على عبادة الرحمن, والإخلاص لله, في السر والإعلان والكفر بما يعبد من دونه, من الأوثان, والأنداد, والكاذبين, وعلى صلة الأرحام, والإحسان, إلى جميع الخلق, حتى البهائم, وإقامة العدل والقسط بين الناس, وتحريم كل خبيث وظلم, ومصدق في جميع الأقوال والأعمال فهل هذا إلا من الهذيان.
وصاحب هذا القول, إما من أجهل الناس, وأضعفهم عقلا, وإما من أعظمهم عنادا وتمردا, ومراغمة للحق.
وهذا هو الواقع, ولهذا قال تعالى عنهم " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ "
فدخل في ذلك, السحر والكهانة, وعباده غير الله, وطاعة الشيطان.
كل هذا من الجبت والطاغوت.
وكذلك حملهم الكفر والحسد, على أن فضلوا طريقة الكافرين بالله, عبدة الأصنام, على طريق المؤمنين فقال: " وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا " أي لأجلهم, تملقا لهم ومداهنة, وبغضا للإيمان: " هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " أي: طريقا.
فما أسمجهم, وأشد عنادهم, وأقل عقولهم!!.
وكيف سلكوا هذا المسلك الوخيم, والوادي الذميم؟!! هل ظنوا أن هذا, يروج على أحد من العقلاء, أو يدخل عقل أحد من الجهلاء.
فهل يفضل دين, قام على عبادة الأصنام والأوثان, واستقام على تحريم الطيبات, وإباحة الخبائث, وإحلال كثير من المحرمات, وإقامة الظلم بين الخلق, وتسوية الخالق بالمخلوقين, والكفر بالله, ورسله, وكتبه, على دين قام على عبادة الرحمن, والإخلاص لله, في السر والإعلان والكفر بما يعبد من دونه, من الأوثان, والأنداد, والكاذبين, وعلى صلة الأرحام, والإحسان, إلى جميع الخلق, حتى البهائم, وإقامة العدل والقسط بين الناس, وتحريم كل خبيث وظلم, ومصدق في جميع الأقوال والأعمال فهل هذا إلا من الهذيان.
وصاحب هذا القول, إما من أجهل الناس, وأضعفهم عقلا, وإما من أعظمهم عنادا وتمردا, ومراغمة للحق.
وهذا هو الواقع, ولهذا قال تعالى عنهم " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ "
" أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ " أي: طردهم عن رحمته, وأحل عليهم نقمته.
" وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا " أي: يتولاه, ويقوم بمصالحه, ويحفظه عن المكاره, هذا غاية الخذلان.
" وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا " أي: يتولاه, ويقوم بمصالحه, ويحفظه عن المكاره, هذا غاية الخذلان.
" أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ " أي: فيفضلون من شاءوا على من شاءوا, بمجرد أهوائهم, فيكونون شركاء لله في تدبير المملكة.
فلو كانوا كذلك, لشحوا وبخلوا أشد البخل, ولهذا قال: " فَإِذَا " أي: لو كان لهم نصيب من الملك " لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا " أي: شيئا, ولا قليلا.
وهذا وصف لهم, بشدة البخل, على تقدير وجود ملكهم, المشارك لملك الله.
وأخرج هذا, مخرج الاستفهام المتقرر إنكاره, عند كل أحد.
فلو كانوا كذلك, لشحوا وبخلوا أشد البخل, ولهذا قال: " فَإِذَا " أي: لو كان لهم نصيب من الملك " لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا " أي: شيئا, ولا قليلا.
وهذا وصف لهم, بشدة البخل, على تقدير وجود ملكهم, المشارك لملك الله.
وأخرج هذا, مخرج الاستفهام المتقرر إنكاره, عند كل أحد.
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ↓
" أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " أي: هل الحامل لهم على قولهم, كونهم شركاء لله, فيفضلون من شاءوا؟ أم الحامل لهم على ذلك, الحسد للرسول وللمؤمنين, على ما آتاهم الله من فضله؟ وذلك ليس ببدع ولا غريب, على فضل الله.
" فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا " وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته, من النبوة, والكتاب, والملك الذي أعطاه من أعطاه, من أنبيائه كـ " داود " و " سليمان " .
فإنعامه لم يزل مستمرا, على عباده المؤمنين.
فكيف ينكرون إنعامه, بالنبوة, والنصر, والملك, لمحمد صلى الله عليه وسلم, أفضل الخلق, وأجلهم, وأعظمهم معرفة بالله, وأخشاهم له؟!!
" فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا " وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته, من النبوة, والكتاب, والملك الذي أعطاه من أعطاه, من أنبيائه كـ " داود " و " سليمان " .
فإنعامه لم يزل مستمرا, على عباده المؤمنين.
فكيف ينكرون إنعامه, بالنبوة, والنصر, والملك, لمحمد صلى الله عليه وسلم, أفضل الخلق, وأجلهم, وأعظمهم معرفة بالله, وأخشاهم له؟!!
" فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ " أي بمحمد صلى الله عليه وسلم, فنال بذلك السعادة الدنيوية, والفلاح الأخروي.
" وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ " عنادا, وبغيا, وصدا, فحصل لهم من شقاء الدنيا ومصائبها, ما هو بعض آثار معاصيهم.
" وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا " تسعر على من كفر بالله, وجحد نبوة أنبيائه, من اليهود, والنصارى, وغيرهم, من أصناف الكفرة.
" وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ " عنادا, وبغيا, وصدا, فحصل لهم من شقاء الدنيا ومصائبها, ما هو بعض آثار معاصيهم.
" وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا " تسعر على من كفر بالله, وجحد نبوة أنبيائه, من اليهود, والنصارى, وغيرهم, من أصناف الكفرة.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ↓
ولهذا قال: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا " أي: عظيمة الوقود, شديدة الحرارة.
" كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ " أي: احترقت " بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ " أي: ليبلغ العذاب منهم كل مبلغ.
ولما تكرر منهم الكفر والعناد, وصار وصفا لهم وسجية; كرر, عليهم العذاب جزاء وفاقا.
ولهذا قال: " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا " أي: له العزة العظيمة, والحكمة في خلقه وأمره, وثوابه وعقابه.
" كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ " أي: احترقت " بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ " أي: ليبلغ العذاب منهم كل مبلغ.
ولما تكرر منهم الكفر والعناد, وصار وصفا لهم وسجية; كرر, عليهم العذاب جزاء وفاقا.
ولهذا قال: " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا " أي: له العزة العظيمة, والحكمة في خلقه وأمره, وثوابه وعقابه.
وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ↓
" وَالَّذِينَ آمَنُوا " أي بالله, وما أوجب الإيمان به " وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " من الواجبات والمستحبات " سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ " أي: من الأخلاق الرذيلة, والخلق الذميم, ومما يكون من نساء الدنيا, من كل دنس وعيب " وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا " أي: دائم الظل.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ↓
الأمانات, كل ما ائتمن عليه الإنسان, وأمر بالقيام به.
فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة, لا منقوصة ولا مبخوسة, ولا ممطولا بها.
ويدخل في ذلك, أمانات الولايات والأموال, والأسرار; والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله.
وقد ذكر الفقهاء, أن من ائتمن أمانة; وجب عليه حفظها, في حرز مثلها.
قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها; فوجب ذلك.
وفي قوله تعالى " إِلَى أَهْلِهَا " دلالة على أنها, لا تدفع, وتؤدى, لغير المؤتمن, ووكيله بمنزلته; فلو دفعها لغير ربها, لم يكن مؤديا لها.
" وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء, والأموال, والأعراض, القليل من ذلك, والكثير, على القريب, والبعيد, والفاجر, والولي, والعدو.
والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به, هو ما شرعه الله على لسان رسوله, من الحدود والأحكام, وهذا يستلزم معرفة العدل, ليحكم به.
ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة, قال: " إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا " وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه لاشتمالها على مصالح الدارين, ودفع مضارهما, لأن شارعها السميع البصير, الذي لا تخفى عليه خافية, ويعلم من مصالح العباد, ما لا يعلمون.
فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة, لا منقوصة ولا مبخوسة, ولا ممطولا بها.
ويدخل في ذلك, أمانات الولايات والأموال, والأسرار; والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله.
وقد ذكر الفقهاء, أن من ائتمن أمانة; وجب عليه حفظها, في حرز مثلها.
قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها; فوجب ذلك.
وفي قوله تعالى " إِلَى أَهْلِهَا " دلالة على أنها, لا تدفع, وتؤدى, لغير المؤتمن, ووكيله بمنزلته; فلو دفعها لغير ربها, لم يكن مؤديا لها.
" وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ " وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء, والأموال, والأعراض, القليل من ذلك, والكثير, على القريب, والبعيد, والفاجر, والولي, والعدو.
والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به, هو ما شرعه الله على لسان رسوله, من الحدود والأحكام, وهذا يستلزم معرفة العدل, ليحكم به.
ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة, قال: " إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا " وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه لاشتمالها على مصالح الدارين, ودفع مضارهما, لأن شارعها السميع البصير, الذي لا تخفى عليه خافية, ويعلم من مصالح العباد, ما لا يعلمون.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ↓
ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله, وذلك بامتثال أمرهما, الواجب والمستحب, واجتناب نهيهما.
وأمر بطاعة أولي الأمر, وهم: الولاة على الناس, من الأمراء, والحكام, والمفتين, فإنه لا يستقيم للناس, أمر دينهم ودنياهم, إلا بطاعتهم والانقياد لهم, طاعة لله, ورغبة فيما عنده.
ولكن بشرط, أن لا يأمروا بمعصية الله, فإن أمروا بذلك, فلا طاعة لمخلوق, في معصية الخالق.
ولعل هذا هو السر في حذف الفعل, عند الأمر بطاعتهم, وذكره مع طاعة الرسول.
فإن الرسول, لا يأمر إلا بطاعة الله, ومن يطعه, فقد أطاع الله.
وأما أولو الأمر, فشرط الأمر بطاعتهم, أن لا يكون معصية.
ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه; من أصول الدين وفروعه, إلى الله والرسول, أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله; فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية, إما بصريحهما, أو عمومهما; أو إيماء, أو تنبيه, أو مفهوم, أو عموم معنى, يقاس عليه ما أشبهه.
لأن كتاب الله وسنة رسوله, عليهما بناء الدين, ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
فالرد إليهما, شرط في الإيمان, فلهذا قال: " إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " .
فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة, بل مؤمن بالطاغوت, كما ذكر في الآية بعدها.
" ذَلِكَ " أي: الرد إلى الله ورسوله " خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " فإن حكم الله ورسوله, أحسن الأحكام وأعدلها, وأصلحها للناس, في أمر دينهم, ودنياهم, وعاقبتهم.
وأمر بطاعة أولي الأمر, وهم: الولاة على الناس, من الأمراء, والحكام, والمفتين, فإنه لا يستقيم للناس, أمر دينهم ودنياهم, إلا بطاعتهم والانقياد لهم, طاعة لله, ورغبة فيما عنده.
ولكن بشرط, أن لا يأمروا بمعصية الله, فإن أمروا بذلك, فلا طاعة لمخلوق, في معصية الخالق.
ولعل هذا هو السر في حذف الفعل, عند الأمر بطاعتهم, وذكره مع طاعة الرسول.
فإن الرسول, لا يأمر إلا بطاعة الله, ومن يطعه, فقد أطاع الله.
وأما أولو الأمر, فشرط الأمر بطاعتهم, أن لا يكون معصية.
ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه; من أصول الدين وفروعه, إلى الله والرسول, أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله; فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية, إما بصريحهما, أو عمومهما; أو إيماء, أو تنبيه, أو مفهوم, أو عموم معنى, يقاس عليه ما أشبهه.
لأن كتاب الله وسنة رسوله, عليهما بناء الدين, ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
فالرد إليهما, شرط في الإيمان, فلهذا قال: " إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " .
فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة, بل مؤمن بالطاغوت, كما ذكر في الآية بعدها.
" ذَلِكَ " أي: الرد إلى الله ورسوله " خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " فإن حكم الله ورسوله, أحسن الأحكام وأعدلها, وأصلحها للناس, في أمر دينهم, ودنياهم, وعاقبتهم.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا ↓
يعجب تعالى عباده, من حالة المنافقين.
" الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا " بما جاء به الرسول وبما قبله.
ومع هذا " يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ " وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت.
والحال أنهم قد " أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ " فكيف يجتمع هذا والإيمان؟.
فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه, في كل أمر من الأمور.
فمن زعم أنه مؤمن, واختار حكم الطاغوت على حكم الله, فهو كاذب في ذلك.
وهذا من إضلال الشيطان إياهم, ولهذا قال: " وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا " عن الحق.
" الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا " بما جاء به الرسول وبما قبله.
ومع هذا " يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ " وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت.
والحال أنهم قد " أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ " فكيف يجتمع هذا والإيمان؟.
فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه, في كل أمر من الأمور.
فمن زعم أنه مؤمن, واختار حكم الطاغوت على حكم الله, فهو كاذب في ذلك.
وهذا من إضلال الشيطان إياهم, ولهذا قال: " وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا " عن الحق.